ثقافة وفن

إسلامنا المغربي (6) العودة إلى الحاضر: الرعب

أسامة خيي الخميس 02 يوليو 2015
إسلامنا المغربي (6) العودة إلى الحاضر: الرعب
TOPSHOTS-EGYPT-UNREST-SINAI

 AHDATH.INFO- البيضاء - خاص

ولأن الحاضر يجثم بثقله كله على الحاضر، ويستدعي فينا هذا الإسلام المغربي لكي نشهره في وجه من يريدون تشويه صورة ديننا فلامفر من هذا التوقف الاضطراري قبل العودة إلى حكي السنوات السابقة

الجمعة استفقنا على هول مايفعله الإرهاب بالدين الإسلامي في تونس وفي الكويت وفي فرنسا.

تلقينا على دفعات متتالية، كالصفعات، أخبار القتل المتسربل بالإسلام، والدين الحنيف منه براء -  لابد من قولها وتكرارها إلى آخر الأيام - وتسقطنا أخبار الموتى وأعدادهم، وشعرنا بالحزن أننا من المفروض أن ننتمي نحن والقتلة لنفس المنظومة، لنفس المجتمعات، لنفس طريقة التفكير، لنفس التربية، ولنفس الدين، وهذا أفدح

لم نجد ونحن نتابع الجمعة أخبار الموت الكثيف والمكثف أي تفسير لما وقع سوى أن جنون الحمقى بلغ ذروته وأنهم قرروا أن يذهبوا قدما نحو التصعيد

سيقطفون رؤوسا أكثر بحماس أكبر، وسيصيحون مثلما صاح أحد مجانينهم في تويتر إن "دور المغرب الأقصى قادم، وأن العشر الأواخر ستمر علينا مثل الجحيم".

سنبتسم في وجهه بكل قوة لأننا نعرف أن الظلامي لم يكن ليملك أبدا وقت الموت، ولا أوان الأجل، ولا لحظة الإمساك بك.

مؤمنون نحن أكثر منهم بكثير أن الله وحده سبحانه وتعالى يحدد لك ساعة الرحيل، وأن الأسباب تتعدد والموت واحدة، سواء كانت موت سن متقدم أو سن مرض أو سن حادثة سير أو سن قتل على أيدي هؤلاء المجانين الذين لا وصف لهم ولا عقل ولا دين

في الليل، ليل تلك الجمعة، كنا ملتفين هنا في "الأحداث المغربية" حول رجل من مصر المحروسة يسمى سيد القمني. كنا ننصت إليه بإمعان وهو يحدثنا من قلب التراث الديني عن مضحكاتنا المبكيات. كانت القاعة الموجودة في الطابق الثالث من الجريدة مملوءة عن آخرها تزدرد باستمتاع بالغ ما يخرج من فم هذا المفكر الجميل، المؤمن بأن قدر الأمة ليس هو هذا التردي في أحضان الجهل والخرافة وأسوأ ما في الترهات

كان القمني يحمل القاعة معه إلى قهقهات من قلب المعيش  المشترك بيننا سواء كان تراثا وصلنا عن طريق الخطأ مشوها، أو كان إجراما اشتغلت من أجله الماكينة إياها لكي تدخله إلى أذهان الناس قسرا وتوهمهم أنه الدين وألا دين غير هذا الدين.

في النهاية قالها القمني للحاضرين "ضحكنا كان حقيقيا لكنه كان مبكيا في الوقت ذاته لأن مايقع لنا مؤلم". حينها تذكرنا شريط ذلك الجمعة منذ الصباح. استعدنا صور السواح الأبرياء في تونس وقد اختلطت دماؤهم بالرمال لكي تعلن داعش في المساء أنها تتبنى العملية.

التقطنا صور السابحين في دمائهم في الكويت داخل مسجد ذهبوا إليه في شهر رماضن لكي يؤدوا صلاة الجمعة فماتوا أشلاء ممزقة.

واستعدنا طبعا مع الإسم الغريب لياسين الصالحي وشبهه الذي لا يضحك أحدا مع الإسم الشهير عندنا، ألم فرنسا وهي تكتشف أن من بين من  منحتهم جنسيتها وكل حقوقها أناسا يريدون لها الموت ويقطعون الرؤوس في أبواب مصانعها

عندما انتهى لقاء القمني كان السؤال يرن في أذهان كل واحد منا: ما الذي فعلناه بأمتنا حتى أصبحت الأمة الوحيدة في العالم العاجزة عن الابتكار والاختراع القادرة فقط على القتل والموت وكل الكآبات؟

لم نجد ولن نجد في القريب العاجل الجواب. سنتأمل في نشرات الأخبار شكلنا مثلما أصبح، وسنقول إننا نضيع المزيد من الوقت إذا ما واصلنا التردد وعدم الرغبة في الحسم في هاته القراءة العاقلة العقلانية لتراثنا الديني، قصد تخليصه من كل الشوائب التي لم تعد تجلب لنا إلا المذلة، وقصد الاحتفاظ فيه بالنصيب المضيء الجميل الذي يشعرنا حقا أننا خير أمة أخرجت للناس، وليس الأمة التي تقتل الناس هاته الأيام في كل دول العالم وهي تصرخ "الله أكبر"