كلمة الأحداث المغربية

الصحراء لم تعد قضية !

حكيم بلمداحي الثلاثاء 08 نوفمبر 2022
Notre-Roi
Notre-Roi

AHDATH.INFO

نستحضر اليوم في المملكة المغربية ذكري المسيرة الخضراء بشكل مختلف عن سابقاتها من السنين اللاحقة للسادس من نونبر سنة 1975.. لقد تغيرت الأمور بشكل كبير وحدثت تطورات تجعل من المسيرة الخضراء حدثا من الماضي.

ذكرى المسيرة الخضراء اليوم تؤرخ لحدث كبير استرجعت المملكة من خلاله أراضيها الجنوبية من المستعمر الاسباني.. الحدث إذن جزء من الماضي لأن المملكة المغربية تجاوزت حدث المسيرة الخضراء ودخلت مرحلة أخرى، مسيرة جديدة تختلف عن تلك التي استرجعت الساقية الحمراء ووادي الذهب وربطت المغرب بجنوبه، بحماسة نعم، لكن بالكثير من التحدي والتضحيات الجسام. تضحيات بالدم وبالمال وبالنفس الطويل والصبر والعمل الدؤوب.

المغرب اليوم دخل في مرحلة جديدة. مسيرة جديدة تختلف عن الأولى. كيف ذلك؟ يمكن القول بكل ثقة أن الصحراء اليوم لم تعد قضية بل أصبحت مغربية بشكل تام ونهائي . المسيرة الخضراء الأولى جاءت أولا تتويجا لمسار قانوني نجح فيه المغرب بعد استشارة من المحكمة الدولة توضح العلاقة الثابتة بين المملكة المغربية والأقاليم الجنوبية. ثم حج المغاربة إلى أرضهم بسلمية متميزة بشهادة العالم، فدخل المغرب أراضيه التي كانت تحت نير الاستعمار الاسباني بسلم وسلام..

بعد المسيرة والظفر باسترجاع الأرض، واجه المغرب حربا قذرة تكالبت عليه فيها عدة دول على رأسها الجزائر وليبيا القدافي وكوبا.. واجه المغرب وضعا صعبا ضحى من خلاله بشهداء استرخصوا دماءهم نصرة للوطن، وتغلب بعد ذلك على محاولة استنزافه، وهي الخطة الرئيسية للأعداء.

كانت سنوات النصف الثاني من السبعينيات وبداية الثمانينيات شاقة على المغرب والمغاربة. فيها فاتورة ضخمة من أجل التسليح لمواجهة جيوش الجزائر ومرتزقة من بلدان مختلفة وعتاد كوبا ومعدات روسيا والاستراتيجيات الحربية التي اعتمدت على حرب العصابات.

بعد هذا الوضع الحربي الذي اضطر المغرب إلى مواجهته بتضحيات جسام، جاء المسلسل الديبلوماسي واشتغلت المملكة على واجهة مجلس الأمن والأمم المتحدة وعلى وضع داخلي في الأقاليم الجنوبية من أجل الأمن والتنمية، وكان النجاح حليفا..

طبعا لم يكن المسلسل سليما في كل مراحله، فقد كانت هناك أخطاء متعددة لا مجال لذكرها في هذا المقام.

في الخمسة عشرة سنة الفائتة دخل المغرب في مسار جديد سواء على المستوى الديبلوماسي أو على مستوى الأرض..

على المستوى الديبلوماسي حققت المملكة نجاحا محترما بإقناع المجتمع الدولي بعدالة قضيته وأن النزاع في الصحراء المغربية مفتعل، فيه جانب من الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وجانب من الصراع الجيواستراتيجي الإقليمي والدولي.

أما على مستوى الأرض فقد اشتغلت المملكة المغربية على التنمية المجالية والبشرية. يظهر ذلك من خلال برامج التنمية التي اهتمت بتحويل المناطق الجنوبية من مرحلة تخلف في البنيات، تركته اسبانيا، إلى بناء وتشييد وربط الأقاليم الجنوبية بركب غيرها من الأقاليم المغربية.

اليوم حواضر الأقاليم الجنوبية تسير بخطى سريعة على مستوى البنيات التحتية، على مستوى الطرق والمسالك والمرافق الاجتماعية والرياضية والتعليمية والبنيات الثقافية وغيرها.

الأقاليم الجنوبية اليوم أصبحت تنعم بالأمن وبالسلم الاجتماعيين، وأصبحت تشهد تطورا لا يختلف عما هو عليه الأمر في باقي المغرب. لقد أصبح المغرب موحدا في السيادة وفي التنمية. ولم تعد الصحراء قضية بل هي جزء من القضية الكبرى للمملكة المغربية في مواجهة تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

هل انتهى موضوع النزاع؟ أكيد الموضوع ما يزال قائما وتلعب فيه عدة أطراف أدوار كثيرة ومتعددة. لكن هذا لا يمكن أن يِؤثر في جوهر الموضوع على الإطلاق. وجوهر الموضوع هو مغربية الصحراء الذي تم حسمه بشكل نهائي..