بوابة الصحراء

قمة الجزائر... المغربية!

محمد سيداتي أبهاج - وكيل عام سابق ومحام بهيئة طنجة حاليا الاحد 06 نوفمبر 2022
B8FBDF1C-FD51-4DC8-B1B8-398720485ECF
B8FBDF1C-FD51-4DC8-B1B8-398720485ECF

AHDATH.INFO

قبل أيام اختتمت الدورة 31 لقمة جامعة الدول العربية بالجزائر، ورغم الرهانات و الآمال التي عقدتها عليها الجارة الشرقية، وهي تسعى الى تقديمها كانجح قمة عربية منذ عقود، الا أن نتائجها كانت دون المؤمل من طرفها.

فالجميع يتذكر كيف اشتط الخيال بتوهمات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عندما صرح في لقاء صحفي بأن القمة العربية القادمة بالجزائر ستركز على دعم نضال الشعب الفلسطيني و "الشعب الصحراوي"، وستعيد النظام السوري الى كرسيه بقمة العرب...ولوحت بعض المصادر المقربة من قصر المرادية باحتمال اقصاء المغرب من المشاركة في تلك القمة.

وتوالت التحضيرات للقمة، وأعيد تأخير انعقادها أكثر من مرة، وراجت اخبار عن تهديد دول عربية وازنة بمقاطعة القمة، وحتى عرقلة انعقادها، إذا لم يكن المغرب أول المدعوين لها، وأن يحظى بمعاملة لائقة.

ومع اقتراب موعد القمة اخذ النظام الجزائري يغير تدريجيا من خاطابه وسلوكه، حيث صرف النظر عن دعوة النظام السوري الى المشاركة في القمة، وصام عن ذكر "الشعب الصحراوي"، ووجه دعوة رسمية لجلالة الملك لحضور أشغال القمة، حملها وزير العدل الجزائري الذي حمل ذات الدعوة لكل من ملك الاردن وملك السعودية.

واقترب موعد انعقاد القمة، وسبقته تسريبات تفيد احتمال حضور جلالة الملك لفعالياتها شخصيا، وحل وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بالجزائر العاصمة، وخطف حضوره الأضواء من المسؤولين الجزائريين، وفوجئ النظام الجزائري بشراسة بوريطة في الدفاع عن مصالح بلده، وكانت قمة التشويق عندما تسبب في إيقاف اجتماع وزراء الخارجية العرب لعدة ساعات، عندما احتج على نشر قناة(AL24) الجزائرية الرسمية، لخريطة الوطن العربي، واقتطعت الصحراء المغربية من وطنها، وهي القناة التي تزعم أنها راعية لاشغال القمة العربية بشراكة مع الجامعة العربية...

وجاءت الصفعة الأولى من مسؤولي الجامعة العربية، الذين نفوا أي علاقة لهم بالقناة المذكورة، مع تأكيدهم على الخريطة المعتمدة من قبل جامعة الدول العربية للوطن العربي، والخالية من وجود أي كيان يفصل بين المغرب وموريتانيا، وكانت الصفعة الثانية هي اضطرار القناة الجزائرية الرسمية AL24 الى "الاعتذار عن الخطأ غير المقصود"، وحذفها لتلك الخريطة، ونشرت بدلا منها الخريطة المعتمدة من طرف جامعة الدول العربية.

كانت تلكم مقدمات انتصارات المغرب في أشغال القمة العربية، بعد ذلك توالت اعتذارات أهم القادة العرب عن الحضور، وكثف ناصر بوريطة من لقاءاته الصحفية مع أهم القنوات التلفزية(bbc عربي،اسكاي نيوز عربية، العربية...)، وترك في اجوبته الباب مواربا بشأن احتمال حضور جلالة الملك أشغال القمة.

وفي هذه الاثناء تم اعداد البيان الختامي للقمة، الذي دعي لاحقا ب(اعلان الجزائر)، والذي صادق عليه وزراء الخارجية العرب، وبات ينتظر فقط المصادقة عليه من قبل القادة العرب.

وعشية انعقاد القمة القى ناصر بوريطة على مسؤولي النظام الجزائري الخبر الصادم، وهو اعتذار جلالة الملك عن الحضور، لأسباب اقليمية واعتبارات أخرى...!

وشعر عبد المجيد تبون باحباط شديد، وهو الذي كان يمني النفس بحضور جلالة الملك، الذي كان حضوره قد يغطي على ثقل بعض الغيابات، غير أن الفأس قد وقعت في الرأس، ولم يعد بيد رموز النظام الجزائري أي امكانية بمراجعة المقررات التي نالت اجماع وزراء خارجية الدول العربية، والتي تضمنت نجاحات غير مسبوقة للدبلوماسية المغربية، بتضمينها لأهم المواقف المغربية في صلب "اعلان الجزائر"، منها على سبيل المثال:

- تأكيد الاعلان على ضرورة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله...لا سيما فيما يتعلق بمطالبة الشركاء بعدم السماح باستخدام أراضيهم كملاذ أو منصة للتحريض أو لدعم أعمال ارهابية ضد دول أخرى.

- العمل على تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل...بما يحفظ وحدة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها...

- دعم دور لجنة القدس وبيت مال القدس في الدفاع عن مدينة القدس ودعم صمود أهلها.

- التأكيد على أهمية اضطلاع الدول العربية بدور بارز في تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى...وفي هذا الاطار تدعم القمة العربية استضافة المملكة المغربية للمنتدى العالمي التاسع لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، يومي 22 و23 نوفمبر 2022 بمدينة فاس.

ترى لو انعقدت القمة العربية بالمغرب هل كان بإمكانه الحصول على نتائج أفضل؟ شخصيا أشك في ذلك.

فأن تعتذر الجزائر عن نشر خريطة تمس بالوحدة الترابية للمملكة، وتتبنى توصيات بحفظ وحدة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها، والالتزام بعدم السماح باستخدام أراضيها كملاذ أو منصة للتحريض أو لدعم أعمال ارهابية ضد دول أخرى، ودعم دور لجنة القدس وبيت مال القدس، والتنويه باستضافة المغرب لمنتدى عالمي...الخ، كلها نتائج طيبة ومن قلب الجزائر العاصمة، وقد تم طبخها على نار هادئة وقودها احتمال حضور جلالة الملك لأشغال القمة.

لقد كانت فعلا قمة مغربية بواجهة جزائرية.