ثقافة وفن

إمنعوا الفقر والدعارة والظلم عوض أن تمنعوا فيلما سينمائيا أيها المرتعدون

أسامة خيي الثلاثاء 26 مايو 2015
إمنعوا الفقر والدعارة والظلم عوض أن تمنعوا فيلما سينمائيا أيها المرتعدون
الزين-765x510

 AHDATH.INFO- الرباط - خاص

عوض أن نمنع فيلما سينمائيا لأنه عرى وجها خفيا لنا في المرآة، هناك أشياء أهم بكثير من اللازم منعها الآن لكي تظهر شجاعة وزارة الاتصال والحكومة التي تحوي وزارة هذا الاتصال

لنمنع الفقر في البلد، هكذا لن تجد صغيرة مغربية أي مبرر لكي تبيع لحمها لمن يدفع أكثر

لنمنع التسول في البلد، هكذا لن تمتد يد ليد، ولن تكون العليا أفضل من السفلى مهما كان

لنمنع الرشوة في البلد. سينال كل ذي حق حقه وسيكون الجميع سواسية دونما تفضيل لمن يملك ما يشتري به أصحاب الذمم المتسخة

لنمنع الجهل في البلد. لنمنح مواطنينا فرصة التمييز بين الأمور وهم على بينة من أشيائهم كلها يعرفون الصالح والطالح ويعرفون كيفية التمييز بين المسألتين.

لنمنع الأمية السياسية تلك التي تسمح لك وإن لم يصوت عليك أي أحد أن تصبح وزيرا رغم ألا علاقة لك بالميدان الذي تسيره

لنمنع فساد السياسة ومنح زعامات الأحزاب لمن لايستحقها وهو لايملك حتى زعامة بيته أو قريته أو قبيلته

لنمنع الغباء في البلد، ولنعط لأهلنا ذكاء يوازي حجم ذكائهم لئلا نصبح دوما من المدافعين بقوة عن البلادة في كل مكان

أن تمنع الحكومة أو الجهات المختصة فيلما سينمائيا لم يرقها، هذا ليس إنجازا. هذه علامة عطب كبير في طريقة تفكيرنا الجماعي تدل على أننا نستطيع الإصغاء لأحقر مافينا أي الرغبة في الإخفاء، وأننا نرتعش فور مطالعة الوجه في المرآة ورؤية البثور تملأ السحنة، فنقرر تكسير المرآة عوض أن نذهب إلى أقرب طبيب للأمراض الجلدية لكي يمنحنا الدواء المناسب

الخلفي في أمريكا وبنكيران مشغول بجلسة المساءلة الشهرية التي ينبغي أن تغيب عنها السفاهة هاته المرة، والحكومة تفكر فقط في الحفاظ على مناصب كل وزير فيها. البرلمان مشغول بوقفات شباط وتشيكيطو الغريبة من أجل المطالبة بحماية أعراض المغربيات، والشعب لايذهب إلى السينما لكنه يحب كثيرا أن يسبها حين تدهشه بشيء ما غير عادي، وغير مألوف

طبقة الأنتلجنسيا الكاذبة تخاف وتخشى. لديها مصالح تريد الحفاظ عليها لذلك لن تتخذ أبدا موقف شجاعا. ستترنح وهي تشرب آخر كؤوسها المعتقة قبل حلول رمضان، وستتحشرج الكلمات في حلقها وهي تقول "واحتى داك عيوش عيق بزاف"

ستكون شبيهة بمن قالوا يوما لرسامي "شارلي إىبدو"  : (واحتى هوما زادو فيه)

أيها الخائفون، يامن لا تمتلكون شيئا في ملابسكم السفلية تستطيعون الاتكاء عليه: غدا أو بعد غد لن يكون من حقنا أن نتضامن مع أي شيء تعرض للمنع في البلد. نحن اليوم ندشن أولى الخطوات والله سبحانه وتعالى أعلم منا جميعا بالقادمات

لم يرقني هذا الفيلم لأنه يتضمن عبارات بذيئة لذلك لنعدم بطلته ومخرجه أو لنمنعه أصلا من العرض في القاعات

أيها السادة، القاعات أصلا لم تعد تصلح للعرض منذ سنوات ضوئية عديدة. اليوم يشاهد الناس الأفلام في هواتفهم النقالة

إذا كنتم تعرفون ذلك ورغم ذلك منعتم، فتلك مصيبة، وإذا لم تكونوا على علم بهذا التقدم التكنولوجي البسيط فالمصيبة أعظم.

دمتم هكذا دون تغيير ودون زيادة أو نقصان، ودامت لنا رحابة الهروب كل مرة إلى فسحات الأمل المعلقة في الفضائيات وفي التكنولوجيا الحديثة

الحمد لله على نعمة العلم والعقل والتقدم، وطبعا لكم حقكم الكامل أن تحمدوا ربكم على نعمة الجهل فهي أيضا مريحة للعديدين. ألم يقلها لكم أبو الطيب يوما "ذو العقل يشقى"؟

بلى قالها ولم يكن قد علم بعد أن السينما سيخترعها أخوان يحملان من الإسم إسم الضياء في يوم من الأيام أيها المظلمون...

بقلم: سليمة العلوي