ثقافة وفن

تحليل: إيران تلعب بغزة !

بنعبد الله المغربي السبت 06 أغسطس 2022
06384746-AA79-4399-892A-96C94A661257
06384746-AA79-4399-892A-96C94A661257

AHDATH.INFO

كانت قناة "الجزيرة" متحمسة للغاية، وهي تبث كلمة من وصفته ب "سماحة السيد حسن نصر الله زعيم المقاومة الإسلامية في لبنان"، والعهدة عليها طبعا، يوم السبت 6 غشت 2022 قبل أن تقطع فجأة كلمة الرجل وهو في عز حماسه اللغوي والثوري الذي يطعمه بلثغة الثاء المميزة لديه.

لماذا قطعت القناة القطرية كلمة زعيم ميليشيا (حزب الله) التي كان يتحدث فيها عن ذكرى عاشوراء وعن التصعيد الأخير بين تنظيم "الجهاد الإسلامي" وبين إسرائيل في غزة؟

قطعتها لأن نصر الله استغل خطابه للحديث عن أمور عقدية خاصة به وبأنصاره عندما تحدث عن عودة الإمام المنتظر وعن عودة السيد المسيح.

هذا اللعب السياسي والطائفي والإعلامي بالدين أمر خطير للغاية، وهو بالتأكيد سبب عديد الأزمات والكوارث التي تهز عالمنا اليوم، والتي تتضرر منها أمم وشعوب كثيرة، ويمسنا - نحن في العالمين العربي والإسلامي - منها النصيب الأوفر، بسبب ارتباط شعوبنا الفطري بالديانة، وتصديقها دون احتياطات لمن يهربون الدين نحو السياسة، ومن يخلطون بينهما ابتغاء متاع الحياة الدنيا، ونزولا سافرا بالدين من مراتبه الجامعة العليا إلى المراتب المفرقة السفلى: مراتب الاختلاف العادي بين الناس.

اليوم، غزة وفلسطين في قلب هذا اللعب العقدي والطائفي الخطير. فإيران التي لاتنظر بعين الرضا إلى حركية السلام التي ينخرط فيها رويدا رويدا العالمان العربي والإسلامي، حركت خدامها مجددا لأجل خلق التوتر في المنطقة.

لذلك جاءت الضربة الاستباقية لواحد من أهم القادة العسكريين لحركة "الجهاد"، أي تيسير الجعبري متزامنة مع وجود زعيم تنظيم الجهاد كله زياد النخالة في طهران عاصمة إيران، للالتقاء بقائد الحرس الإيراني حسين سلامي، وهو ماجعل مصادر متابعة للوضع في الشرق الأوسط تتحدث عن استباق اسرائيلي لهجوم إيراني عبر "الجهاد" يروم خلق التوتر في المنطقة من جديد لكبح جماح حركية السلام المتنامية بين إسرائيل وبين جيرانها ومحيطها العربي.

ذلك مايفسر عملية استهداف بقية قادة تنظيم "الجهاد" بعد تصفية تيسير الجعبري، ويفسر إصرار إسرائيل على إبلاغ كل مخاطبيها في المنطقة أنها لن تستهدف المدنيين، ولن تستهدف الفصائل الفلسطينية الأخرى، بل ستكتفي بالرد على إيران والحركة التابعة لها في غزة، وعلى المخطط الذي كانت تتم صياغته.

مخطط علينا أن ننتبه، نحن هنا في المغرب، إلى أنه لايقف عند حدود الشرق الأوسط، بل استهدفنا ويستهدفنا عبر بحث الحرس الثوري عن موطئ قدم في المنطقة إن عبر ميليشيا البوليساريو الإرهابية أو عبر طرق أخرى، ظلت بحمد الله ولحسن الحظ فاشلة، بسبب يقظة المغرب وضرباته الاستباقية - هو الآخر - الناجحة والكثيرة لكل المخططات الإرهابية والإجرامية التي تستهدفه.

هو لعب إيراني جديد بالدين وبالشعارات الكبرى للأمة، وطبعا بفلسطين المسكينة ومدنييها الأبرياء الذين ملوا وضعية الرهائن التي وجدوا عليها أنفسهم منذ القديم، والتي لن تتغير في القريب العاجل إلا في حالة انخراط المنطقة ككل في سلام عادل وشامل يقطع الطريق على تجار القتل وغربانه ممن لايقتاتون إلا بالدماء.