في الواجهة

وزارة الثقافة وسؤال القناعة من اجل تطوير القطاع... قوانين ومشاريع والبقية تأتي

رحاب حنان الاثنين 18 أبريل 2022
418893A7-D164-4A71-93A2-AB1086B51603
418893A7-D164-4A71-93A2-AB1086B51603

Ahdath.info

يعيش المشهد الثقافي مند مدة ليست بالطويلة ولا بالقصيرة، إيقاعا خاصا لم يعد فيه لنغمة الازمة من مكان، حركية متواصلة، العروض المسرحية لا تغادر المسرح الوطني محمد الخامس في الرباط، ولا في مسارح أخرى عبر مختلف مدن المملكة، توقيعات كتب ومعارض تشكيلية سهرات هنا وهناكوحتى الفن السابع ناله نصيب من هذا الحراك الإيجابي للثقافة وصناعها في المغرب.

الاكيد أنه لم يكن التخفيف من الإجراءات  الاحترازية التي كانت معتمدة من اجل الحد من تفشي كوفيد 19، وحده صاحب الفضل في عودة الروح إلى المشهد الثقافي والفني المغربي، بل الأمر اكبر من ذلك، هناك في كواليس وزارة الشباب والثقافة والتواصل، تجد الحاضر الاكبر فيها اليوم هو القناعة بأنه آن الاوان لكي تغادر الثقافة موقعها في قاعة الانتظار.

اليوم عاد النبض إلى قطاع الثقافة، وبات من الممكن الحديث عن مشاريع القوانين التي تؤطر وتنظم، كما بات ممكنا الحديث عن تفعيل هذه القوانين وإخراجها إلى أرض الواقع حتى يكون انعكاسها جليا على اليوميات قبل الافق.

بجولة خفيفة في اجندة  وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد منذ توليه الحقيقبة ونخص هنا بالذكر قطاع الثقافة، نجد أنه زار جهات وأقاليم من الشمال إلى الجنوب والغرب ثم الشرق، أشرف على تدشينات ووقف على سير اوراش وافتتح مرافق، تلك الزيارات لم تكن مجرد جولة سياحية لتفقد ما هو كائن بل من اجل التأكيد على أن البعد الجهوي أساسي في عملية إنتاج الثقافة وإبراز مقوماتها ومنح المشتغلين فيها شروط ومناخ العمل الإيجابي، إلى جانب الثقافة حضر هاجس الشباب من خلال قطاع كان حاضرا بدوره في تلك الجولات الجهوية.

على مستوى المسرح الذي شكل إبان الجائحة عصب الازمة حيث بقي المسرحيون يترقبون فتح باب الرزق، لكن الاكثر من ذلك انهم نالوا ما طلبوا وزيادة، حين تم البحث عن الصيغ الممكنة لإخراج المسرح من أزمته ليس بشكل ظرفي فقط بل على المدى البعيد أيضا.

 

بالنسبة لمبادرة "المسرح يتحرك" والتي تشارك فيها الوزارة مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، يكون الجانب الآني قد تمت معالجته أو تقريبا بتخويل المسرحيين عرض اعمالهم في قنوات القطب العمومي فيما يشبه دعما بصيغة اخرى.

المسرح دائما كان وسيظل حاضرا كهاجس في مفكرة بنسعيد، ونذكر حفل تخليد اليوم العالمي للمسرح بتامسنا، حين جدد الوزير تأكيده عزم الوزارة على المضي قدما في استراتيجية شاملة من أجل النهوض بالصناعة الثقافية ومنح المسرح القيمة التي يستحقها على المستوى الوطني عبر تعميم المسرح على كافة التراب الوطني، حتى لا تستثنى المدن الصغرى، كما أعلن عن ما ستشهده السنة المقبلة من مراجعة لعملية الدعم المقدم للمسرحيين، بحيث يتم هذا الدعم في إطار تشاركي مع مجالس الجهات والأقاليم.

إلى هنا يكون المسرح قد وجد طريقه نحو الافق الرحب بالسير جنبا إلىجنب مع الانتعاش والتفكير في المستقبل ووضع أسس لبناء متجدد يكون استمرارا لما فات.

قطاع الثقافة ليس مسرحا وتشكيلا وسينما وموسيقى ودراما فقط، بل هو أيضا تشعبات كثيرة ترخي بظلالها على الفاعلين فيه، ونشير هنا إلى تصويت لجنة التعليم والثقافة والإتصال بمجلس النواب، قبل مدة، بالأغلبية، على مشروع قانون 66.19 بتغيير وتتميم القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

وهو مشروع القانون الذي يهدف إلى إدراج أحكام خاصة بالاستغلال الرقمي للمصنفات الموسيقية والمصنفات السمعية البصرية والمصنفات البصرية، وملاءمة القانون مع الاتفاقيات الدولية وخاصة مع معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات.

إلى مثيله أيضا وهو مصادقة مجلس النواب بالأغلبية على تحويل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين إلى مؤسسة عمومية، من خلال مشروع قانون رقم 66.10، القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

بالنسبة لما سلف سيكون لبنة إضافية في البناء الثقافي الذي يتم ليل نهار، ونصل إلى ما قاله الوزير المهدي بنسعيد، حينما أشار في تصريحات سابقةإلى أن العديد من البنيات الثقافية متوقّفة منذ سنوات، أو لا يتم استغلالها. كما أشار إلى مشكلة التجهيز وغياب الموارد البشرية مطروحة بشدة على مستوى عدة مناطق، حيث تبقى مجموعة من المؤسسات الثقافية، خصوصاً دور الشباب والثقافة دون تنشيط بسبب هذه المشاكل.

وهو ما يزكي تصريحه الحديث في برنامج "نقطة إلى سطر"، حينما اكد على أهمية تأهيل البنى التحتية الثقافية والسينمائية لأنه حسب بنسعيد، لا يمكن الحديث عن مشروع التصنيع الثقافي دون وضع بنى تحتية في المستوى رهن إشارة الفنانين سواء كانو مسرحيين، سينمائيين، مغنين أو رسامين تشكيليين بصريين.

نحن امام زخم من العطاء في قطاع الثقافة يعيد القطار إلى السكة ويوفر له الوقود الكافي واللازم للوصول إلى محطة الاستقرار، ولن نتوقف عند ما سبقت الإشارة إليها بل نجد أنه لزاما علينا التوقف عند مجال آخر من مجالات القطاع، وهو الموروث الذي يميز المغرب.

ونشير إلى ما أعلنه وزير الثقافة خلال مروره بالقناة الاولى، عن أن مشروع علامة التميز "تراث المغرب - Moroccan heritage" التي تهدف إلى حماية التراث المغربي من الاستعمال غير المشروع سيتم إخراجه للوجود خلال هذا الأسبوع.

تبقى الامنية الوحيدة أن يتواصل مثل هذا النبض الثقافي العميق الذي يؤسس لمرحلة أخرى وأن يكون من ثماره سقف متين يقي الفاعلين في المشهد الثقافي والفني من عوادي اليوميات ويقي الإبداع من مزالق الاضطرار.