السياسة

أخبار زائفة وإثارة مجانية .. تقرير النقابة الوطنية للصحافة المغربية يرصد تجاوزات مواكبة حادثة الطفل ريان

سكينة بنزين الجمعة 01 أبريل 2022
المصري-زياد-أحمد-يصمم-غرافيتي-لذكرى-الطفل-المغربي-ريان-628x375
المصري-زياد-أحمد-يصمم-غرافيتي-لذكرى-الطفل-المغربي-ريان-628x375

AHDATH.INFO

تفاعلا مع واقعة سقوط الطفل ريان المحزنة في البئر التي شدت أنفاس المغاربة والعالم لأيام، وما رافقتها من تجاوزات خلال التغطيات المواكبة للحادث المحزن، أصدر النقابة الوطنية للصحافة المغربية تقريرها الخاص الذي رصدت عبره عددا من الخروقات التي رافقت التهافت غير المسبوق لعملية الإنقاذ، ما جعل الصحفي بين أمرين، إما تقديم الحقائق الثابتة والمعلومات الصحيحة أو السقوط في فخ الترويج لأخبار زائفة.

وأشار التقرير أن النقابة نبهت في بلاغ لها بتاريخ  4 فبراير عموم المراسلين والصحافيين المتواجدين في مكان الحادث  إلى "التحلي بالأخلاقيات المهنية التي تفرض التثبت من الخبر قبل إعلانه، والابتعاد عن العناوين والجمل التي تحفل بالإثارة"، و"انتقاء المحاورين ممن تتوفر فيهم الأهلية، والابتعاد عن محاورة وتصوير القاصرين"، وفي نفس اليوم  عبر المجلس الوطني للصحافة  عن "أسفه الشديد لبعض الممارسات المشينة التي صاحبت تغطية محاولات إنقاذ الطفل ريان"، مسجلا "العديد من الخروقات المخالفة لميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، والتي تم ارتكابها من طرف بعض الصحف الإلكترونية، في تجاهل تام للمبادئ الإنسانية التي يتضمنها الميثاق المذكور، منبها إلى أن "تغطية الفواجع الإنسانية، تعتبر محكا رئيسيا لمدى احترام الصحافة لمسؤوليتها الاجتماعية وحرصها على ألا تحول الفواجع إلى وسيلة للربح والارتزاق".

وبعد اعتماد "الميثاق الوطني لأخلاقيات المهنة" الذي أصدره المجلس الوطني للصحافة، كمرجع معياري لتقييم عدد من المواد المرئية والمكتوبة، رصد التقرير عددا من العناوين الملتبسة التي رافقت البث الحي لعدد من المواقع على مدار الساعة، والتي ادعت قرب إخراج الطفل ريان من البئر، وقد كانت هذه المواقع مصدرا لنقل المعلومة إلى قنوات إخبارية عربية كقناة "الجزيرة" و"العربية" و"الغد" و"العربي"، في الوقت الذي ذهبت بعض المواقع إلى اعتماد عنوان  "لحظة إخراج الطفل ريان ونقله لتلقي العلاج اللازم"، فيما تبين أن الخبر زائف، وأن التسجيل قديم لا يرتبط بحادثة محاولة إنقاذ الطفل ريان، بل يعود إلى توثيق عملية إنقاذ نفذتها فرق الدفاع المدني العراقية لطفل سقط داخل بئر بعمق 35 متراً في منطقة تازة جنوبي محافظة كركوك، في 31 دجنبر 2021، إلى جانب اعتماد صور قديمة من سوريا.

واعتبر التقرير أن هذه النماذج تتنافى مع محور "المسؤولية المهنية" الذي ينص على مبادئ البحث عن الحقيقة من خلال نشر معلومات صحيحة  وتجنب الاختلاق والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة أو فبركة الصور أو الفيديوهات، والافتراء والتحايل على المتلقين في الصحافة والمواقع الإلكترونية، وتجنب تزوير المعطيات.

ورصد التقرير نماذج عن خرق مبدأ الحق في الصورة بعد تصوير الطفل ريان في قعر البئر بوجهه الدامي،ما شكل ضررا بمشاعر عائلته التي عمد بعض الصحفيين إلى محاورتهم وهم في وضعية إنسانية جد صعبة، وملاحقتهم وتصويرهم وهم في حالة من التأثر الشديد وطرح أسئلة عليهم لا تمت للمهنية الصحفية بصلة، ما شكل انتهاكا لمبدأ احترام الكرامة الإنسانية المنصوص عليه بالميثاق الذي يأتي تفصيله: "من واجب الصحافة احترام كرامة الإنسان في كل التغطيات الإخبارية نصا وصورة وصوتا، ولا يجوز استغلال لحظات الضعف الإنساني أو الإعاقة العقلية أو الجسدية لخرق مبدأ احترام الكرامة الإنسانية، كما لا يجوز نقل صور البشاعة أو العنف أو التشوهات الجسدية، ويجب تجنب التقارير التي من شأنها أن تشكل ضررا لمشاعر الضحايا أو ذويهم، وخصوصا في الحوادث والكوارث الطبيعية والجرائم والحروب".

ورصد التقرير تصوير واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة صدمة ووضعية نفسية صعبة، وكذا نشر صور قاصرين عبر أشرطة مصورة بمحيط عملية الإنقاذ، بغرض الإثارة المجانية، وهو ما يتنافى مع مبدأ حماية القاصرين.

ولتجنب هكذا انزلاقات في المستقبل، قدم التقرير أربع توصيات تتمثل في ضرورة تكوين الصحافيين في مجال أخلاقيات المهنة، سواء عبر إحداث تكوينات أساسية في معاهد التكوين العمومية والخاصة، أو من طرف المقاولات الإعلامية، إلى جانب تعميم ميثاق أخلاقيات المهنة على جميع الصحافيين وإنتاج دلائل مساعدة، مع التزام المؤسسات الإعلامية الصارم بالتقيد بأخلاقيات المهنة، واضطلاع رؤساء التحرير ومدراء النشر بمسؤولياتهم في "فلترة" المعالجات الإعلامية التي لا تحترم أبجديات العمل المهني ولا تلتزم بأخلاقيات المهنة، ثم دعوة  المجلس الوطني للصحافة بالحزم في تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانونه الأساسي ضد المخالفين لأخلاقيات المهنة سواء الصحافيين أو المقاولات المشغلة.