ثقافة وفن

الرباط تنبض وفاء للراحل ادريس الخوري ..  

رحاب حنان الاحد 27 مارس 2022
CFF94E04-CD7A-4347-B0E2-906C424B4D85
CFF94E04-CD7A-4347-B0E2-906C424B4D85

Ahdath.info

نبض قلب الرباط عشية السبت 26 مارس الحالي، بمحبة وافرة ظللت كل محبي ورفاق وأصدقاء الراحل الكبير إدريس الخوري، الذي احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية أربعينيته بتنظيم مشترك بينها وبين اتحاد كتاب المغرب.

كما هي الرباط دائما حضن دافئ يجمع كل الحساسيات الثقافية والفنية، كان أيضا قلب با ادريس حاضرا بقوة الصدق الذي بادله مع الجميع في مختلف مراحل حياته الغنية.

الأربعينية تجاوزت حدود تأبين راحل بعد مرور أربعين يوما على رحيله، فقد رفعت السقف عاليا لتتحول من لحظة ألم على الفقدان إلى احتفاء بالعطاء وبالحياة التي أحبها با ادريس حتى آخر أيامه، الأربعينية صارت ملتقى للمشهد الثقافي المغربي، حضرت أسماء اخرى خارج المدار الثقافي أيضا لكنها اقتسمت مع الكاتب الكبير ولع الكتابة وهم الإبداع.

من الصدف البليغة جدا، أن تتزامن أربعينية فقيد القصة والمقالة مع احتفالات الرباط كعاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، والذي أطلقت فعالياته الخميس 24 مارس بالمسرح الوطني محمد الخامس تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

الصدفة في أقدام الوافدين الخيرين طبعا، وبا ادريس احد هؤلاء الخيرين الذين أحبوا وطنهم حد الجنون وكانوا يكتبون ويتنفسون تامغرابيت بكل تفاصيلها، فلم يكن عجيبا أن تطل الأربعينية من شرفة اوسع من المحلي لتشمل الإقليمي ولسنا مبالغين إذا قلنا أن الراحل يستحق حتى الكونية.

بالعودة إلى لقاء الأربعينية، نجد بهو المكتبة الوطنية الفسيح وقد توسطه حضور إدريس الخوري من خلال حاجياته التي عرضت هناك، تستقبلك سترته المعلقة وفوقها "البيرية" وحولها الشال وفي الأسفل حذاؤه الذي كان يخطو به بين الناس، إلى جانب ذلك حضرت مقتنياته وأشياؤه التي كانت وستظل عنوانه الأثير في الحياة.

ذلك هو الاستقبال الحميمي جدا، الذي جعل الحضور في أربعينية الخوري يستحضره كما هو، كما عرفه الجميع بقوته وسحنته وملابسه المكتفية من "زواق الدنيا"، أما القاعة الكبرى للمكتبة الوطنية فقد غمرها حب الوافدين على الذكرى من مختلف الحساسيات والتيارات إن جاز التعبير، كان بالفعل مثل ملتقى طرق الثقافة المغربية.

تناوب على منصة الشهادة بعض من أصدقاء ومحبي الراحل ادريس الخوري قالوا القليل مقارنة مع حجم المحبة والتعلق الذي أبدوه بـ "با ادريس"، بعضهم تعذر عليه الحضور فكان الرقمي في الموعد وبثت الشهادات مثل تلك التي قالها الإعلامي محمد العلمي وهو يبث مشاعره الصادقة من بعيد من هناك في الولايات المتحدة الامريكية.

قبل كلمات المكتبة الوطنية واتحاد كتاب المغرب وأسرة الراحل، نعرج على الشريط المصور الذي حمل الحضور إلى مختلف اللحظات التي نبض فيها قلب ادريس الخوري ولقاءاته وصور مع مبدعين منهم من رحل، شريط مهما بلغت مدته فهو قصير بالنظر إلى قامة الخوري الفعلية والمعنوية وبالنظر أيضا إلى ما راكمه من عطاء غزير في الكتابة خاصة المقالة والقصة.

نجل الراحل ادريس الخوري، يوسف، قال ما جادت به أحاسيسه في كلمة باسم عائلة الفقيد، وخص بالذكر برقية العزاء التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى الأسرة بعد وفاة المشمول برحمته، يوسف في كلمته تقدم بالشكر الجزيل لجلالة الملك، على التعزية التي كانت "بلسما على قلوبنا جميعا".

وبكثير من الحب والألم، أفصح يوسف عن وجع الرحيل مؤكدا أن وفاة والده ادريس الخوري كانت مباغثة وموجعة.

المكتبة الوطنية كانت لها كلمتها التي ألقاها مديرها محمد الفران، مؤكدا أنه ليس "أحسن منكم معرفة به ولا أكثر منكم إلماما بعمله وتقديرا لشخصه".

وأضاف الفران في كلمته، "الخوري كان رائعا وشامخا من حيث اللغة والخيالات، ويعتبر الكتابة شيئا جميلا في حد ذاته لذلك "ننظم هذا اللقاء عرفانا ووفاء لنجم من نجوم الأدب العربي الحديث هوى من سماء الإبداع فكان ثالثة الأثافي بعد رحيل المحمدين؛ زفزاف وشكري".

وبالنسبة لمدير المكتبة الوطنية، فإن "الخوري كان شعلة من العطاء وروحا نقية ونموذجا للإبداع والخلق الرفيع"، و هو العاشق لبلده ولثقافته المغربية ولأصوله البدوية ولشغبه.

اما عبد الرحيم العلام الذي ألقى كلمة باسم اتحاد كتاب المغرب، فقد اكد أن "الخوري غادرنا فجأة بعدما علمنا في درسه الكبير بأن نعيش الحياة ما استطعنا إليها سبيلا".

وعدد العلام بعضا من مسارات التألق في حياة ادريس الخوري، الذي كان صحافيا بارعا قبل أن يكون قاصا، وهو الجنس الادبي الذي تخصص فيه.

ومن بين العبارات البليغة التي وردت في كلمة العلام، توقفه عند كون ادريس الخوري "كان يعبر عن الواقع بالكتابة والجمال والليل والسفر والهامش والسينما والتشكيل والانتشاء والتواضع".

انتهت الأربعينية وانتهى اللقاء، لكن ذكر با ادريس سيظل حاضرا في ذاكرة المشهد الثقافي المغربي وحتما سيكون هناك المزيد من اللقاءات التي تحتفي بتجربة رحبة وشاسعة بحجم الحلم.