بوابة الصحراء

لغزيوي يكتب: اقتراع الثامن من شتنبر... ملحوظات لاعلاقة لها (أو لها علاقة) بماسبق عن يوم لم ينته بعد

بقلم: المختار لغزيوي- الأحداث المغربية عدد الإثنين 13شتنبر الاحد 12 سبتمبر 2021
36CA9249-9783-4FD1-A382-D9EF8E55B430
36CA9249-9783-4FD1-A382-D9EF8E55B430

AHDATH.INFO

ملحوظة أولى: لقذ نفذ حلم المغاربة ياقوم !

الذين شاهدوا رد فعل المغاربة، عبر الفيسبوك أو عبر تويتر على نتائج البيجيدي طرحو السؤال/ الملاحظة على أنفسهم بشكل جدي : « المغاربة كانوا هازين بزاف فقلبهم من جيهت الإخوانيين، آش واقع؟ ».

لم يكن تعبيرا عن الشماتة، ولم يكن عداء إيديولوجيا قديما، ولا حقدا دفينا عبر عن نفسه بعد إعلان الهزيمة النكراء للعدالة والتنمية.

كان مجرد تنفيس عن غيظ شعر به الناس تجاه هذا الحزب، ولم يشعر به هذا الحزب تجاه نفسه.

في العشرية التي أمضاها في جنان الحكومة فقد هذا الحزب اتصاله أو « الكونيكسيون » مع الناس. أصبح غير قادر على الاستماع إلا للآراء التي تروقه، أصبح يكره الجرائد التي تقول له حقيقته، ويعتبر الصحافة الموالية له مصابة بداء الوحي الآتي من العلا.

لذلك لم يكن مستغربا بعد الهزيمة أن قيادييه لم يستطعوا فهم ماوقع، فلجؤوا إلى الإنكار وإلى كتابة التدوينات المضحكة التي تنافس بعضها البعض في إثارة مشاعر الشفقة.

منهم من قرر أن معارضة الشارع هي الحل، بعد كل « الكاطكاطات » التي اشتراها وبعد كل المتغيرات الحياتية التي كان الشعب شاهدا عليه فيها.

ومنهن من قررت أن تحلم بعد عشر سنوات في البرلمان بأن الحريك من الوطن هو الحل أنها فقدت الأمل في الشعب المغربي وفي أن يؤمن ذات يوم بالديمقراطية مع أنه - نظريا - نفس الشعب الذي أوصلها إلى البرلمان هاته السنوات العشر كلها .

ومنهم من قال إن الثورة آتية لاريب فيها، وقال الناس وهم يسمعونه « لاحول ولاقوة إلا بالله » وانصرفوا.

العدالة والتنمية حالة خاصة ولن نقول شاذة في المشهد السياسي الحزبي المغربي يلزمها اليوم كثير من الوقت، ومن الهدوء، لكي نستطيع قراءتها القراءة الهادئة التي تعيد هذا الحزب فعلا إلى حجمه الطبيعي، وتنزع عنه ماعلق به من أوهام منذ الربيع العربي الكاذب، نسي بها أنه كان مجرد تشكيل استعان بالدكتور الخطيب رحمه الله ذات يوم، وبكل ماكان يمتلك ادريس البصري غفر الله لنا وله من دهاء لكي يدخل بالعدد المقبول أولا إلى القبة، ولكي يعطي الدليل تلو الدليل أنه يستطيع الانصهار والاندماج، وأنه يعرف التعايش، ولكي يصبح فيما بعد الحزب الذي يصيح في المغاربة أجمعين، وقبلهم في قضاء البلاد « لن نسلمكم أخانا ».

كان المغاربة يحسبون أن « البيجيدي » يعتبر كل واحد منهم وكل واحدة منهن أخا له وأختا له قبل أن يفهموا من خلال « لن نسلمكم أخانا » وغيرها من العبارات التي ندت في لحظات الاستقواء على الناس والشعور بالعظمة (مع أن العظمة لله وحده ) أن لهذا الحزب أهلا وعشيرة محددين، ذكرهما الإخواني الذي ترأس مصر أشهرا معدوددات في غفلة من الزمن والذي كان يحمل من الأسماء محمد مرسي، رحم الله الجميع، لأن الرحمة في نهاية المطاف وحدها تجوز على الموتى..

لنقل إنها لم تكن شماتة، ولم يكن حتى تنفيسا عن الغيظ. كان تعبيرا عن أن حلم المغاربة تجاه هؤلاء قد نفذ، وقد تعلمنا منذ القديم أو أولى الأشياء الجديرة بالتجنب والاتقاء هي غضب الحليم.

ملحوظة ثانية: هذا « التافراوتي » يستحق التنويه !

دعوكم من الذين لايكتبون عن أخنوش جيدا إلا إذا أحسن إليهم، ودعوكم أيضا من الذين يسبون أخنوش إذا لم يحسن إليهم. ولنقل إن هذا الرجل بعد كل هاته الضربات يستحق فعلا الاحترام.

وجد نفسه في قلب معمعة لا يعلم بها إلا الله سبحانه وتعالى وعدد قليل من العارفين بالشأن. وفهم أن دوره هو هذا: أن يكون الرجل الذي قرر أن يضربه الجميع، لكنه وبفعل انتماء هوياتي أولا للجنوب، وبفعل حب للكرة التي مارسها كثيرا فهم أنه يمكن أن يحول كل هاته الضربات الموجهة إليه إلى ضربات لصالحه، وكذلك كان.

كم صبر أخنوش على أذى الإخوانيين وصحافتهم المؤلفة جيوبها؟

كثيرا من الوقت إلى أن تحول في نظر هؤلاء وفي كتاباتهم إلى السبب الوحيد لكل مشاكل المغاربة. تأتي كورونا يتم اتهام أخنوش. يحل بالبلاد الجفاف يقال « أينك ياوزير الفلاحة ». تحترق سمكة سردين في أقصى طبق في أبعد نقطة في البلاد ينادى على وزير الصيد البحري أن « حي على الانتقاد ».

أكثر من هذا أدى أخنوش من ماله الخاص ثمن السياسة والدخول إلى معتركها، ووجد نفسه في لحظة من اللحظات قبالة سياسيين محترفين لا شغل لديهم ولاعمل غير السياسة واحترافها، وقد قرروا أن يهاجموه في مجال اشتغاله وعمله.

في المقاطعة الشهيرة، وقد كانت ضربا سيئا تحت الحزام، وأمرا لا أخلاقيا لجأ إليه من يدعون العفة والأخلاق والنزاهة وممارسة السياسة بشكل آخر عرف الناس المحايدون معدن أخنوش الحقيقي.

فهموا أنه يستطيع الصبر. وعندما تستطيع الصبر تستطيع بعدها كل الأشياء.

لذلك بدا الرجل غير فرح كثيرا حين فوزه بعد خمس سنوات من العمل الجدي المتواصل، لأنه انتصر يوم صبر على الأذى الذي لحقه، ولأنه يعرف بأن القادم أصعب، وأن ثقة الشعب التي نالها حزبه يوم الأربعاء وتلتها بعد ذلك ثقة ملكية سامية يوم الجمعة ليست شيكا على بياض، ولكنها إعلان بدء الجهاد الأكبر، أي تحقيق العيش الكريم للناس وتنفيذ كل وعود الانتخابات، بعد أن انتهت حكاية الجهاد الأصغر بطرد من يتصورون الجهاد « فشكل » من الحكومة والبرلمان…

اليوم على أخنوش أن يستل من صبره الذي واجه به الضربات الكثيرة التي تلقاها منذ القديم، صبرا جديدا يبدع به للمغاربة حلولا في حياتهم اليومية لكي يخرجوا من تركة هاته العشرية التي تركت كل هاته الآثار، والتي كان يمكن أن تكون أوخم لولا قوة الدولة في هذا البلد المسمى المغرب، والتي عملت المستحيل لكي ترتق كل العثرات التي تسبب فيها التدبير الإخواني لما مضى من سنوات…

ملحوظة ثالثة: هذا الشعب أكبر من حزبييه!

اعتبروا أننا سنقاطع، واعتبرونا سنعزف عن الذهاب لتحديد مصيرنا بيدنا، ومنهم من اعتبر أن الحكاية محسومة سلفا وأن مقاعدها موزعة حسب التحليل السياسي العبيط بين فلان وعلان وفرتلان وفق القاسم الانتخابي ووفق التوقعات وبقية الأشياء التي لاتعني للشعب شيئا.

الانتخابات في المغرب هي فرصة للإنصات الآخر للناس، وهو غير إنصات مواقع التواصل الاجتماعي، وهو غير إنصات صالات التحرير التي تعوم على عوم من تسير معه مصلحتها، وهو غير إنصات الصالونات المخملية التي يتحدث فيها الناس بكلام آخر لا علاقة له فعلا بالموضوع.

صندوق الانتخابات في مركز اقتراع واحد في مدينة أو قرية مغربية حكاية سياسية يلزمها الكثير لأجل فهمها.

لذلك أدهش المغاربة مجددا القوم وهم يصوتون، وأدهشوا الناس وهم يقررون بشكل واضح من يريدون، وأدهشوا الفئة المتكلمة التي لا تعمل ولكن تتكلم كثيرا بقدرتهم على الفعل الميداني، ذلك الذي يجعل الأشياء التي تريدها تتحقق، لا الفعل الآخر الاستيهامي الذي يجعلك وراء الحاسوب تحلم وتحلم وتحلم إلى أن تدخل مرحلة الكوابيس.

هذا الشعب الذي قرر ذات يوم أنه سيترك للإخوانيين فرصة إبراز حنة يديهم، قبل أن يقرر أنهم لم يعودوا صالحين لشيء درس سياسي لوحده، يستحق إذا كنا نحترمه فعلا وإذا ماكنا أبناءه فعلا وأبناء الحواري والقرى والمداشر التي يسكنها أن نحييه على مافعله، منذ القديم، وعلى مايفعله اليوم، وعلى ماسيفعله غدا…

كونوا على يقين: بلد بكل هاته العراقة لايمكن أن يكون شعبه إلا بعراقة توازيها تماما. لذلك لا تضعوه أبدا في جيوبكم، ولا تتحدثوا باسمه، مهما بدا لكم أنكم كثرة.