مجتمع

عيد الأضحى.. "لمليح بثمنو"!!

إنجاز: رشيد قبول/ تصوير: محمد العدلاني الاثنين 05 يوليو 2021
IMG-20210705-WA0008
IMG-20210705-WA0008

على بعد ثلاثة أسابيع من العيد، كان انعقاد واحد من أشهر الأسواق الأسبوعية بمنطقة الشاوية، سوق يعتبر بمثابة بورصة تختزل أسعار أضاحي العيد، خاصة من صنف الصردي، الذي تشتهر بتربيته منطقة الشاوية وضواحيها. لكن آخر سوق لجمعة كيسر من شهر يونيو الذي كان يعد أيامه الأخيرة، عرف ارتفاعا ملموسا للأسعار، ما جعل الباعة والزبائن، يتفقون على أن "الأثمان مازال غالية"، وأن الفرق واضح بين أضحية الموسم الفارط وأضحية العيد خلال هذه السنة..

في الروبورتاج التالي محاولة لتقريب أجواء سوق جمعة كيسر، وبعض ضيعات أغنام الصردي بضواحي البروج...

كيسر بورصة أكباش الصردي

كانت الحركة كثيفة منذ الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، خامس وعشرين يونيو، بالرحبة أو سوق المواشي بجمعة كيسر الذي تم عزله قبل حوالي سنتين عن باقي رحبات مختلف السلع والبضائع التي تعرض بهذا الفضاء التجاري التابع لنفوذ عمالة اقليم سطات..

كل ما يمكن أن يبحث عنه المتسوق بمنطقة سيدي بنداود ونواحيها، في جمعة كيسر يجده، لذلك لازالت مثل هذه التجمعات التجارية تحتفظ بدورها كفضاء لقضاء أغراض عديدة، لا تقتصر على تسوق المواد الغذائية لوحدها، وإنما قد تكون فرصة للحلاقة والاستحمام واقتناء الثياب، وحتى زيارة العيادات الخاصة لأطباء المركز أو المستوصفات العمومية، لمن لا يجد سبيلا لأداء واجب الفحص لدى الأطباء الخواص.

السوق الأسبوعي هو فرصة كذلك للقاء.. لقاء الأصدقاء والأقارب على موائد إفطار تقليدية يؤثثها الإسفنج والشاي المنعنع حينا، وحتى لقاء المسؤولين من منتخبين أو موظفين، يكون السوق فرصة للوصول إليهم، إن عز اللقاء في باقي أيام الأسبوع أحيانا أخرى.

ارتفاع في الأسعار مقارنة بالعيد الماضي ارتفاع في الأسعار مقارنة بالعيد الماضي

فالسوق الأسبوعي "جمعة كيسر" بمنطقة سيدي بنداود باقليم سطات، يستقطب كل الدوائر الخاضعة للاقليم من البروج إلى ابن حمد إلى أولاد مراح وجميع دوائر اقليم سطات، بما فيها دائرة سطات الشمالية والجنوبية.

في سوق آخر أسبوع من شهر يونيو، كانت أسعار الأكباش المعدة للعيد قد عرفت ارتفاعا ملحوظا، تجسد في الفارق الذي عقده تجار ومواطنون بين هذه السنة ونفس الفترة من السنة الماضية، حيث أكدوا جميعا على أن الفارق قد يتجاوز 700 أو 800 درهم، بالنسبة للأكباش ذات الجودة العالية.

كلفة الإنتاج تؤثر على الأسعار

"الجميع، إن شاء الله، سيتمكن من اقتناء أضحية العيد"، هذا ما أكده عضو غرفة الفلاحة بجهة الدارالبيضاء سطات "محمد المتقي"، مشيرا في تصريح لجريدة (الأحداث المغربية) من رحبة الأغنام بسوق جمعة كيسر إلى أن "جميع الأثمان متوفرة"، وأن "مبلغ 2000 درهم يمكن أن يكون متوسط سعر الأضحية"، معتبرا أن "إناث الخراف (أو الحوليات) ثمنها لا يتعدى 1000 إلى 1500 درهم"، ومن شأنها أن تكون "أضحية جيدة بالنسبة لمن لا يستطيع اقتناء الخروف الأقرن الأملح الذي يرتفع ثمنه بمناسبة العيد".

وفي السياق ذاته أكد المتقي، أن "الأثمنة خلال هذه الفترة من السنة، التي تسبق أيام العيد - حيث لم تعد تفصلنا عنه إلا أسابيع معدودة - تعرف ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع السنة الفارطة".

جمعة كيسر بورصة الأغنام جمعة كيسر بورصة الأغنام

وهو "الارتفاع الذي يتراوح ما بين 700 و1000 درهم بالنسبة للأكباش ذات الجودة العالية"، كما قال عضو غرفة الفلاحة، قبل أن يضيف أن "نسبة الفرق تتراوح في الخرفان المتوسطة والصغيرة ما بين 300 و400 درهم"، مقارنة مع السنة الماضية.

وفي تفسيره لهذا الارتفاع ذكر عضو غرفة الفلاحة أن "أسعار الماشية، كما هو معلوم، ترتبط بأسعار الأعلاف"، و"ارتفاع المصاريف التي يتكبدها الكسابة على مدى أشهر من إعداد وتربية الأغنام الموجهة للاستهلاك بمناسبة العيد"، نافيا أن يكون سبب "ارتفاع الأسعار قلة رؤوس الماشية"، التي قال إنها "متوفرة بكميات كافية، وتلبي حاجيات الجميع"، مضيفا أن سبب ارتفاع الأثمان "يعود إلى ارتفاع كلفة الانتاج وارتفاع أثمنة الأعلاف"، ضاربا المثل بأن "كسابا يربي عشرة رؤوس من الأغنام تحتاج إلى قنطار من الشعير كل عشرة أيام"، في حين أن "مدة عشرة أيام لا تكون كافية من أجل تسمين خروف وإعداده لمناسبة العيد، وإنما يحتاج كل خروف إلى أشهر من التسمين"، ما يعني أن مصاريف عديدة يتحملها الكساب الذي يسهر على تسمين أكباش العيد لمدة لا تقل عن شهرين، في حين أن بعض الكسابة يعملون على تسمين خراف العيد لمدة تفوق الأربعة أشهر أحيانا.

ورغم أن "الشعير المدعم الذي تمنحه الدولة للكسابة بأثمان تفضيلية، قد عمل على سد بعض الخصاص وخفف بعض العبء على المربين"، حسب المتقي، إلا أن "الحاجة - في نظره - تبقى ملحة لأعلاف تكميلية أخرى، حيث يضطر الكسابة إلى اقتناء الذرة والفول أو العلف المحلي، الذي قال المتقي إن "أسعاره تبقى مرتفعة"، كما أن أسعار "بالة الفصة" وصلت أحيانا إلى 75 درهما، في حين كانت أسعار "بالة التبن" قد فاقت خلال الفترة التي تأخرت فيها عملية هطول الأمطار 50 درهما.

وبخصوص اختلاف الأسعار بين أصناف السلالات، أكد المتقي أن "سلالة الصردي تحظى بالأفضلية، خاصة بجهة الدارالبيضاء سطات"، التي يعتبر عدد من سكانها أنه "إذا لم تكن أضاحيهم من هذه السلالة، وكأنهم لم يعيدوا قط"، كما صرح عضو غرفة الفلاحة، إذ أن "الشكل المميز لأغنام الصردي، تجعلها تحظى بالأولوية"، ومن أجل ذلك فإن "أغنام سلالة الصردي ذات الجودة المتميزة غالبا ما تكون مرتفعة مقارنة بأغنام السلالات الأخرى من قبيل: تمحضيت، بني كيل، أبي الجعد، أو حتى سلالة الدمان التي تبقى منتشرة في عينة من الجهات دون غيرها.

المليح بثمنو المليح بثمنو

وعلى خلاف ما أكده عضو الغرفة الفلاحية، صرح أحد الباعة بسوق كيسر أن "أسعار أكباش العيد مرتفعة هذه السنة"، وله تفسير مغاير، فقد اعتبر "رشيد" وهو تاجر للمواشي يتحدر من منطقة مولاي بوسلهام، وبالضبط من جماعة لالة ميمونة، دأب على اقتناء الأضاحي من سوق كيسر، من أجل إعادة بيعها بأسواق الشمال، (اعتبر) أن "الأثمان مرتفعة"، بل إنه وصفها ب "الخيالية"، مؤكدا أن "الفرق كبير هذا الموسم مقارنة مع أسعار السنة الماضية"، مرجعا السبب إلى قلة رؤوس الأغنام، وضاربا المثل بالمنطقة التي ينتمي، حيث قال إن "تعداد رؤوس الأغنام بها وصل إلى 12 ألف رأس السنة الماضية، في حين لا يتجاوز هذه السنة 5 آلاف رأس"، مفسرا السبب ب "عزوف الكسابة عن تربية الأغنام نتيجة الخسائر التي تكبدوها الموسم الماضي".

أما "عبد الله الوردي"، وهو تاجر للمواشي يتجول بجميع أسواق الشاوية، فإنه يعتبر أن "أثمان الأضاحي هذه السنة مرتفعة مع اقتراب العيد، نظرا لمستجدات الحالة الوبائية"، فبعد أن "كانت السلطات تفرض حجرا صحيا بتزامن مع عيد الأضحى الماضي، فإن تخفيف الإجراءات والسماح بالتنقل، وكذا الارتفاع الملحوظ في أعداد المتلقين لجرعتي اللقاح المضاد لكورونا... كلها عوامل ساهمت في تحقيق الانفراج، وبالتالي ارتفاع حجم الرواج التجاري، بما في ذلك الإقبال على اقتناء الأضاحي"، وهو "الأمر الذي سينعكس بالضرورة - حسب عبد الله الوردي - على الأسعار".

المليح بثمنو...!!

تجار المواشي يؤكدون.. الخير موجود تجار المواشي يؤكدون.. الخير موجود

على مسافة ثلاثين كلمترا تقريبا من مركز كيسر، وبأحد الدواوير التابعة لمركز البروج، كان اللقاء مع أحد الكسابة الذي تخصص في تربية وتطوير سلالة أغنام الصردي برعاية من الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز..

هنا، وفي الضيعة التي وضعت على واجهتها لافتة تشير إلى اسم صاحبها ورقم هاتفه وحتى الحسابات الخاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي من قبيل "فيسبوك" و"يوتيوب".. "ضيعة الحاج الميلودي وابنه عبد الرزاق النازي" لتحسين سلالة الصردي..

هنا لا صوت يعلو على ثغاء أغنام الصردي، ولأنها أغنام ليست "عادية"، ولأن أسعارها تفوق الخمسة آلاف درهم لتصل حتى إلى سبعة وثمانية آلاف درهم، ظل الحاج الميلودي، يستعرضها أمام كاميرا مصور الجريدة ، معتزا بأن "كسيبته" تحقق الفارق، عندما تفوق أوزان بعضها مائة وعشرين وحتى مائة وأربعين كيلوغرام، مفضلا الثناء على مجهوده الذي ينخرط فيه رفقة أبنائه.

في ضيعة الحاج عبد الرزاق، التي تعتبر واحدة من الضيعات الكثيرة والمتعددة في الشاوية، كشف هذا المربي عن الأغنام التي أعدها لعيد الأضحى، مؤكدا أنها جميعا من نسل نعاجه، حيث صرح أن ضيعته تضم حوالي 500 نعجة، يحتفظ بما تضعه من ذكور من أجل تهييئها وإعدادها لعيد الأضحى.

كما صرح الحاج الميلودي أن أغنام الصردي التي ينتقيها على مدار السنة، تجد زبائن لها من مدن: الدارالبيضاء، الرباط وحتى مراكش.

وعند سؤاله عن السبب في ارتفاع أثمنة الأغنام التي يعرضها للبيع في ضيعته، أكد الحاج الميلودي المقولة التي يرددها أغلب الكسابة وتجار الماشية، بأن "المليح بثمنو"...

لكن ثمن الأغنام المليحة لدى هذه الضيعة لا تنخفض عن سقف الستة آلاف درهم، وهي أغنام في أغلبها تجاوزت سنتها الأولى، حيث صارت "ثنية ورباعية وحتى سداسية"، في حين تظل الأغنام التي توصف ب "الجامعة" قليلة لديه.

كما عز صاحب الضيعة ارتفاع الأسعار إلى "ارتفاع أثمان الأعلاف"، مؤكدا أنه "لا يستخدم إلا الأعلاف الطبيعية مثل الشعير والفول والذرة"... وهي كلها مواد كانت أثمانها قد تأثرت بشح الأمطار خلال المواسم الماضية، قبل أن تنخفض أسعارها بعض الشيء بعد الأمطار التي تساقطت خلال فصل الشتاء.

بين ارتفاع الأسعار وتردد المواطنين في اقتناء الأضاحي قبل أسابيع من موعد العيد، يظل التفاؤل يسود الكثير ممن التقتهم الأحداث المغربية خلال جولتها بالسوق الأسبوعي (جمعة كيسر)، وكذا ببعض الضيعات بالبروج المتخصصة في تربية سلالة أغنام الصردي على وجه الخصوص، كان التصريح المفعم بالأمل الذي اختار "خالد العمراوي"، وهو تاجر أغنام أن يدلي به، حين قال "الخير موجود، وكلشي إن شاء الله غادي يعيد"، مؤكدا بالقول أن "اللي عندو قليل غادي يعيد واللي عندو الكثير يعيد، وكلها وجيبو..."، في إشارة إلى أن الامكانيات المادية تجعل كل زبون يختار ما يرضيه...

ترقيم 5.8 ملايين رأس من الأغنام والماعز بالمغرب

700 درهم فارق الثمن هذا العيد 700 درهم فارق الثمن هذا العيد

استعدادا لعيد الأضحى 1442هـ، قامت الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء والجمعية المغربية لمربي الأغنام والماعز خلال الفترة ما بين 17 أبريل و17 يونيو، بترقيم 5.8 ملايين رأس من الأغنام والماعز التي يتم تسمينها للعيد.

وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات عهدت للتجمعات المهنية المذكورة بالقيام بعملية ترقيم الأغنام والماعز المعدة لعيد الأضحى، تحت إشراف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، الذي يسهر على سير عملية الترقيم.

وعلى غرار السنوات الماضية يتم ترقيم جميع الأغنام والماعز المعدة لعيد الأضحى بواسطة الحلقة البلاستيكية الصفراء التي تحمل رقما تسلسليا بالإضافة إلى عبارة: عيد الأضحى، ومجسم رأس كبش.

وقامت المصالح البيطرية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بتسجيل أزيد من 240.000 ضيعة لتربية وتسمين الأغنام والماعز، وقامت إلى حدود 18 يونيو2021 بأخذ 660 عينة من اللحوم و359 عينة من المواد المعدة لتغذية الحيوانات من أجل إخضاعها للتحاليل المخبرية.

ويضم برنامج عيد الأضحى مراقبة مياه شرب الأضاحي، حيث أكد البلاغ أن الحالة الصحية للقطيع "جيدة" ويتم تتبعها عن قرب بمجموع التراب الوطني من طرف مختلف المصالح البيطرية لأونسا بالتعاون مع الأطباء البياطرة الخواص.

أغنام الصردي تبقى المفضلة في البيضاء وضواحيها أغنام الصردي تبقى المفضلة في البيضاء وضواحيها