Ahdath.info
"إهداء" متطرف، قدمه "مجهول" لساكنة طنجة، حين اختار أحد الشوارع الرئيسية للمدينة لنشر إعلانه (الإهداء)، الذي "يوبخ" فيه الأمهات والآباء على "تمتيع الناس بمفاتن بناتهم"، ويعتبرهم من "عديمي الشرف والحياء والدين".
هذا الإعلان الذي وضعت نسخة منه على عمود كهربائي وأخرى على الجدار بالشارع العام، أثار انتباه المارة، واستنفار السلطات العمومية، بعدما حمل خطابا اعتادت بعض التنظيمات المتطرفة ترويجه، باسم الدعوة إلى "تغيير المنكر" في المجتمع.
وقد فضل صاحب "الإهداء" الملغوم مخاطبة الآباء والأمهات، الذين جعلوا "الشوارع تفوح منها الإباحيات" وهنأهم على "ثقافتهم وتفتحهم واطلاعهم على ثقافات العالم الآخر"، بسبب "ارتداء بناتهم البناطيل الضيقة والقصيرة التي تظهر الملابس الداخلية بوضوح"، كما وصفهن ب "السلع الرخيصة المعروضة على الأرصفة والطرقات"، موقعا إعلانه بعبارة يستفز بها الآباء كتبت تحت ظل أسود بصيغة الاستهزاء لعدم تعجبه من "عراء النساء وضيق ملابسهن" بل يرى العجب في "أنهم خرجوا من بيوت فيها رجال".
وفي الوقت الذي يجري فيه البحث من قبل مصالح أمن طنجة لتحديد هوية صاحب المنشور، وما إذا كانت هناك جهة متطرفة تقف وراء توزيعه، خلف مضمون هذا الملصق ردود أفعال متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد لهذا الخطاب بدعوى مبالغة بعض الفتيات في ارتداء ملابس شبه عارية بالشارع العام، وانتقال هذه الظاهرة إلى المؤسسات التعليمية، وبين من يعتبر ذلك تطاولا على الحريات الفردية وتكريسا لنظرة الرجل إلى المرأة على أنها مجرد بضاعة للاستهلاك وصالحة فقط لإشباع نزواته.
ويرى مجموعة من الحقوقيين أن توزيع مثل هذه المنشورات، إلى جانب مخالفته للقانون، فهو يعد من خلال مضمونه "تحريضا" على استعمال سلطة باسم الشرع تتعلق "بتغيير المنكر باليد"، جعل الشارع حلبة للصراع تحت ذريعة فرض الحلال ومحاربة الحرام، الأمر الذي من شأنه خلق فوضى في المجتمع حتى وإن كان الأمر مجرد "نصيحة"، باعتبار أن القوانين التي تفرضها الدولة كفيلة بحماية حقوق الفرد والمجتمع دون تطرف.
وهذا الإعلان أعاد إلى الأذهان أسلوب بعض الجماعات المتطرفة، التي تلجأ إلى المنشورات كوسيلة لنشر أفكارها، واعتمادها في الدعوة إلى " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وقد سبق أن كشفت التحقيقات الأمنية مع بعض "العناصر الجهادية" عن مخططاتها بتهيئة قاعدتها في المجتمع عبر تبنيها خطاب "محاربة الفساد الأخلاقي" كواجهة لتحقيق أهدافها في محاربة نظام الدولة.
كما أثار هذا المنشور من جديد دور السلطات المختصة في مراقبة ظاهرة انتشار ملصقات مجهولة المصدر بالأماكن العامة، علما أن القانون ينص على "منع وضع الإعلانات بواسطة ألواح الإشهار أو اللافتات الخاصة أو النقالات الخاصة وبوجه عام جميع الإعلانات أو الشارات كيفما كان نوعها وصبغتها على العقارات المرتبة ما عدا بموجب رخصة إدارية".