آراء وأعمدة

خواطر من وحي «تخابر» بنموسى مع دولة أجنبية

طه بلحاج الاحد 07 يونيو 2020
Chakib_Benmoussa
Chakib_Benmoussa

AHDATH.INFO- يونس دافقير

تعرفين يا صفية أن النموذج التنموي لأي بلد، شئنا ذلك أم أبينا، فيه حقوق لشركائنا الدوليين.

أولئك الذين بقينا نطرق أبوابهم عقودا، ونصلح من أجلهم أسواقنا وقوانيننا وبورصتنا كي يثقوا بنا.

أولئك الذين وضعوا رؤوس أموالهم وشركاتهم عندنا ليخلقوا مناصب شغل ويسهموا في تنمية البلد.

أولئك الذين لا مانع في أن يطلعوا على ما نعده للمستقبل وهم شركاء فيه.

أولئك الذين يعدون أيضا لمستقبلهم ونحن فيه شركاء ونحتاج لأن نعرف إلى زين يسيرون حتى لا نضل الطريق وحدنا.

لهذا نتفهم ياصفية أن يجتمع بنموسى مع سفيرة فرنسا ويعطيها تقريرا على تقدم الاشغال.

وهو ليس تخابرا مع دولة أجنبية كما قال حمقى الوطنية، هو تواصل بيننا وبين الآخر ومعه.

ولو لم تكن لنا اجتماعات مماثلة وبنفس المحتوى مع جميع سفراء البلدان اللي عندنا شراكات معها، لكان بنموسى خائنا للعشرة.

ومخلا بقواعد التنافس الشريف بين الأصدقاء والمنافسين.

ولقلنا إنه يعطي أفضلية وامتيازا غير مستحق لماما فرنسا.

ولغضبنا منه لأنه سيغضب أرزاقنا في موسكو وبيكين ومدريد واشنطن وأنقرة والرياض …

وجوهانسبورغ ودكار حتى واكادوكو وأبيدجان …

وفي هذه الحالة أيضا سيكون الاجتماع بالسفير الفرنسية وحدها إقحاما للأجنبي في شأن تنموي مغربي داخلي.

وهنا تصبح القضية كلها «إنّات» وليس إن واحدة.

وقد قالها بنموسى الذي حاول تبليغ الرسالة كما فعل زموسى في قومه وقد كانوا به جاحدين:

«إن اللقاء الذي جرى مع السفيرة الفرنسية جرت قبله جلسات عديدة مع ممثلي دول أخرى أثناء فترة الحجر الصحي»

وأشار أيضا إلى أن تصريحات عدة يتابعها المغاربة تصدر عن الجانب الأوروبي والفرنسي تتعلق باقتصاد ما بعد كورونا، و «نحن معنيون بها، وبالتالي نتداول فيها لأخذها بعين الاعتبار في التصور المقبل».

ولمن لا يفهم أو لا يريد أن يفهم قال كذلك «أن النموذج يتجه نحو المدى المتوسط والبعيد، ولا بد أن يستحضر ما يجري على مستوى العالم من خلال الدراسة والتحليل».

وزاد في الشرح ليقول إن «اللقاءات تستعرض طريقة العمل بالدرجة الأولى. أما النتائج فهي غير موجودة، وقد جرى طلب التمديد بناء على الواقع الجديد الذي يعيشه العالم».

ومع كل ذلك فهو كاذب، ومخبر دولة أجنبية، وينبغي إسقاط رأسه بحبل الإستقالة،

فوحدهم الثوار والغاضبون يعرفون الحقائق وأنصاف الحقيقة.

***

حين أصدرت قاضية فرنسية مذكرة لاعتقال المدير العام للأمن الوطني سنة 2013 وتعبأ البوليس الفرنسي لاعتقاله في باريس دون احترام السيادة الوطنية وحماية الدولة المستقلة لموظفيها،لم يكن لدى أصحاب تهمة التخابر مع دولة أجنبية وأصحاب الوطن المغدور، كل تلك الغيرة الفوارة على الاستقلال والوطن والسيادة.

ولكن مع تدوينة سيئة النية والصياغة للسفيرة الفرنسية، لم تنفجر وطنيتنا في وجه السفيرة، فجرناها فوق رأس بنموسى كي نصفي معه كل حساباتنا العالقة.

هناك كيل بمكيالين في الوطنية. والوطنية لاتحتمل الازدواجية والخبث.

من كان لديه مشكل مع المخزن وجد في بنموسى فرصة طيبة لتصفيته.

ومن كان يحارب التقنقراطية حتى لا تنقض على حكومته السياسية، قال: «ها واحد التقنقراطي جابو الله».

ومن ظل لا يكن الود لبنموسى على رأس اللجنة أتته الفرصة لتجديد النشاط.

والذين لن يتقبلوا أصلا بنموسى على رأس اللجنة منذ البداية واعتبروها منافسة للحكومة التقطوا فرصتهم لتجديد الكراهية.

وسأسخر من نفسي وأقول إني أيضا لدي معه حساب قديم منذ انتخابات 2009، يوم أرسلني لساعات إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

وقليل، قليل جدا من الناس تحدثوا بحسن نية، ولكنهم تاهوا وسط أصحاب الجنائز.

وما أعرفه كقناعة هو أن بنموسى لم يرتكب جريمة.

سفيرة فرنسا من استفزت وطنيتنا.

وخصمنا ليس رئيس لجنة النموذج التنموي.

خصمنا عقيدة الاستعمار لدى ممثلة الدولة الفرنسية في المغرب.

***

هذه ليست نكتة.

لكن محمد أوزين، الذي اشتهر في العالم بأسره وفي كل ملعب الكرة في الدنيا بأنه «وزير الكراطة»، كتب مقالا طويلا عريضا يعطي في الدروس لشكيب بنموسى.

والمفكر الرزين اختار بنموسى الحزين لاستعراض عضلاته في المعرفة والفلسفة.

وقد قال في ختام مقالته: ««قد نتفق وقد نختلف، لكن ما لا يمكن أن نختلف حوله هو قول الخبير في الابتكار والباحث الإنجليزي Charles Leadbeater «من الأخطاء الشائعة أن نظن أن حدود قدرتنا على الإدراك هي حدود ما يمكننا إدراكه. وهو قول يسري علينا جميعا».

أوزين يكتب أشياء غريبة دائما.

لكن هذه المقالة لا نظير لها بين كل مجلداته الفكرية.

على الأقل نفهم منه أن بنموسى فضحنا مع فرنسا، لكن أوزين فضحنا مع العالم بأسره.

ومع ذلك فهو ينتقد.

ولن يسكت قبل أن تدرج الكراطة في أدوات التنمية، ويعتمدها بنموسى «براديغم» إنتاجي.

وهذه ليست نكتة أيضا، عبد اللطيف وهبي، وهو ينتقد شكيب بنموسى، نسي أنه أمين عام حزب سياسي محترم، وليس ناشطا فايسبوكيا.

وهبي يبحث عن الحلقة والتهريج في كل مكان.

يشعر حتى الآن أنه لم ينل التصفيق الذي يستحقه.

ولذلك يبحث عن المصفقين أينما كانوا، ويجتهد في الحلقة والتهريج ليصفقوا له.

وقال عبقري عظيم: إنه «مخزن ضد المخزن».

أو أنها «انفلاتات مخزن غير مؤطر».

وقال آخر: «إن الغوغائية لا حدود لها».

وزاد ثالثهم: «لقد صار الجميع يردد عبارة الجمهور عاوز كده».

وهناك فاشلون أضاعوا جمهورهم في السياسة ويبحثون عنه في المطالبة برأس بنموسى.

وهناك أيضا ثوريون وجدوا في اجتماع بنموسى بؤرتهم الثورية.

وهناك أنا.

آخر بقايا المخزن ضد ثورة موعودة.

***

إنهم يصنعون رأيا عاما مغشوشا يا صفية.

ويبنون مواقف ثورية على معطيات خاطئة.

ومنهم شعراء يعشقون البكاء ويبحثون عنه في أي مكان.

ولو كان زعما أو وهما.

لقد أعطوا لخصومهم كل ما هو ضروري وسهل، للسخرية منهم.

ومن تفكيرهم واستنتاجاتهم.

وثوريتهم أيضا.

إنهم، بكل بساطة، يشكلون الواقع من رؤوسهم بدل أن يشكلوا رؤوسهم من الواقع.

ولذلك كلما دارت رؤسهم دار معها الواقع الذي يشكلونه.

هم هكذا منذ القديم.

ودائما كانت السباحة مع التيار، سهلة، راحة ونشوة.

وقلناها لهم دائما يا صفية:

أنتم نجوم وأبطال لأنكم اخترتم الهدم وهو سهل.

ونحن مهزومون منبطحون لأننا اخترنا الأصعب وهو البناء.

وذاك فرق بيننا.

فرق بين سهولة الهدم وصعوبة البناء.

وصباح الأحد اللعين هذا شعر.

والشعراء يتبعهم الغاوون.

كما يتبع العقلاء الطاعون.

ولحمقى الثورة أفكار تتبخر كدخان الغليون.