السياسة

الاتحاد يحيي جدل الضريبة على الثروة

طه بلحاج الثلاثاء 02 يونيو 2020
LACHGAR_DRISS
LACHGAR_DRISS

AHDATH.INFO

عادت مطالب إحداث ضريبة على الثروات لتطفو على السطح. وجددت القوى السياسية، غداة تهييء الحكومة لمشروع قانون تعديلي، تماشيا مع محاصرة تداعيات فيروس كورونا، مطالب إحداث هذه الضريبة، التي أثارت في وقت سابق الكثير من الجديد، بعد أن طالب بها برلمانيون من المعارضة.

الدعوة الجديدة جاءت على لسان قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التي اعتبرت في بلاغ اجتماع مكتبها السياسي، الذي انعقد في شوطين، أن «روح الوحدة الوطنية، ومبادئ التضامن الجماعي، وضمان قدرة الدولة على صيانة الحقوق المكتسبة يقتضي مشاركة قوية وواضحة ومعبأة للرأسمال الوطني، ولأصحاب الثروات الكبيرة في حماية القدرة التدخلية للدولة، من خلال سن ضريبة على الثروة، والتي يمكن أن تشكل احتياطا ماديا إضافيا لما تملكه الدولة من موارد، خاصة بالنظر لتقلص المداخيل جراء الجائحة»، حسب البلاغ.

واعتبر البلاغ ذاته أن هذه الضريبة تعد «تعبيرا أخلاقيا عن انخراط واع وفعال في تأمين شروط ميلاد الدولة الحامية التي تعتبر الحجر الأساس لأي نموذج تنموي»، مضيفا أن «مستجدات كوفيد-19 تمثلت في دخول الحضارة الإنسانية إلى منعطف كبير وتاريخي، وتغير جوهر الوجود الإنساني في العمل وفي التواصل المجتمعي وفي التربية والتكوين، وعليه فبلادنا لا يمكنها أن تكون جزيرة معزولة في هذا التحول البشري الضخم، بل لا بد من أن تكون جزءا من ثورته الرقمية ومن تطوره التكنولوجي للخروج من الهشاشات البنيوية التي تطبع الكثير من قطاعاتنا ومنها التعليم والبحث العلمي والقضاء وغيرها، من جهة، والعناية القوية بالبحث العلمي، في كافة المجالات، وخصوصا مجال الطب البيولوجي ومجال الذكاء الاصطناعي لما ينتجه من فائض القيمة، ماديا ومعنويا، وما يفتحه من آفاق».

واستعجل الكاتب الأول للاتحاديين طرح تعديل قانون المالية 2020 على البرلمان والبدء بإعداد سيناريوهات مشروع قانون المالية 2021، معتبرا أن المغرب «في سباق دائم مع الزمن لتدبير هذه الأزمة وتبعاتها»، داعيا إلى سن سياسة جبائية منصفة ومتوازنة، معتبرا أنها ضرورة حيوية في مغرب ما بعد كورونا «حتى نكون مؤهلين لمواجهة أزمات مستقبلية بشكل أنجع وأقل كلفة على المالية العمومية وليكون لسياستنا الاقتصادية مفعول أكبر»، على حد قول لشكر، الذي أضاف أن «الأزمة أظهرت حدود ظاهرة «لبريكول» وأجابت الذين كانوا يتساءلون عن جدوى دفع الضرائب أو جدوى تقييد الشغيلة في صناديق الحماية الاجتماعية».

وأكد من جهة أخرى أن «تشجيع رأس المال الوطني المنتج والمشغل والمبدع يقتضي القطع التام مع اقتصاد الريع والمضاربة والاحتكار وغيرها من ظواهر الربح السريع الذي يخلق الثروة للقلة القليلة لكنه لا يخلق أية قيمة مضافة للوطن والمواطن»، مضيفا أن «أي ضخ للأموال لا يجب أن يعتبر شيكا على بياض توقعه الدولة لأرباب العمل، بل على الحكومة أن تكثف من وسائل المراقبة والتتبع وأن تقوم بدورها بتقديم تقارير دورية للبرلمان بخصوص تدبير الجائحة وتبعاتها وبمآل كل درهم يصرف من ميزانية الدولة أو من صندوق كوفيد 19».

ولم تجد المطالب البرلمانية في الولاية الحالية وحتى في الولاية السابقة طريقا نحو التفعيل، وظلت هذه المطالب تكرر من قبل هيئات سياسية صغيرة، دون أن يتم دعمها داخل الأحزاب الكبرى أو المنتمية للأغلبية الحكومية، ما يجعل مطالب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المتواجد في التحالف الحكومي، سابقة لدى الأحزاب المشكلة للحكومة.

وسبق لوزير الاقتصاد والمالية وتحديث الإدارة أن رفض الزيادة في الضريبة على الثروة، كما صوتت الأغلبية في مجلسي البرلمان ضد فرض هذه الضريبة. وحددت الحكومة ضريبة تضامنية حددت في 2.5 في المئة، تطبق خلال سنتي 2019 و2020، لكنها امتنعت عن فرض ضريبة على الثروة مبررة ذلك بالتخوف من عدم إقبال المستثمرين على الاستثمار في المغرب، ونقل استثماراتهم إلى دول أخرى تطبق فيها ضرائب أقل.

ويعتبر بنشعبون أن كثيرا من التجارب العالمية تخلت عن الضريبة على الثروة «لأن فرض الضريبة على من يملك المال يمكن أن يدفعه إلى الذهاب إلى مكان آخر، فالعالم أصبح مثل قرية صغيرة»، معتبرا أن التوقيت غير مناسب فعلا للتفكير في هذا النوع من التضريب.

وهو الموقف الذي سارت عليه توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات التي أكدت أنه بالنظر لصعوبة فرض هذه الضريبة وآثارها السلبية على الاستثمار واحتمال هروب رؤوس الأموال، بالإضافة إلى ضعف مردوديتها المتوقعة، فإنه يفترض سن ضريبة تضامنية على إيرادات الأشخاص الذاتيين.

ويقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فرض ضريبة على الثروة غير المنتجة، من قبيل الأراضي غير المبنية والممتلكات العقارية غير المأهولة، موصيا بتوسيع الضريبة لتشمل بعض السلع الفاخرة التي تعد من مظاهر الثراء، مثل اليخوت والطائرات الخاصة والسيارات الفاخرة وخيول السباق.

كما يقترح هذا المجلس سن ضريبة على التركة، لضمان أدائها على رأس كل جيل، وتطبيق هذه المقتضيات على بيع عقار مكتسب عن طريق الإرث، باحتساب القيمة عند تاريخ الوفاء وليس سعر التكلفة الأولي.

الجيلالي بنحليمة