ملفات الأحداث

عبد اللطيف جبرو يكتب: من حق عبد الرحمان اليوسفي أن يستريح

طه بلحاج الاحد 31 مايو 2020
JEBROU
JEBROU

AHDATH.INFO

تعرفت شخصيا على الفقيد عبد الرحمان اليوسفي بصورة مبكرة في شهر أبريل 1959، وكنت آنذاك دون العشرين عاما عندما طلب مني الشهيد المهدي بن بركة أن أذهب إلى مقر جريدة التحرير الحديثة الصدور لأقدم نفسي كمراسل بالرباط إلى السي عبد الرحمان، رئيس تحرير الجريدة في الدار البيضاء.

في ذلك اليوم من أبريل 1959 لم أشعر بأنني أمام رجل استثنائي، بل وجدت نفسي أتعرف على إنسان عادي نظرا لما كان يطبع شخصية عبد الرحمان اليوسفي من بساطة وتواضع.

وتوالت الأيام وفي العديد من المناسبات سأقوم بمهمات صحفية لحساب الجريدة بطلب من رئيس التحرير، وكثيرا ما كنت أتلقى منه تشجيعات على العمل الذي أقوم به، ولكن في بعض الأحيان كان رحمه الله، يوجه إلي بعض اللوم حينما يرى في مقالاتي بعض الإساءات إلى الحركة الاتحادية في علاقتها مع نظام الحكم.

ومع ذلك استمرت علاقتنا على أحسن حال مع توالي المراحل السياسية التي سبقت 1963، سنة المؤامرة ضد اتحاد القوات الشعبية، التي قادها السفاح أوفقير بهدف القضاء على حزب القوات الشعبية.

كان عبد الرحمان اليوسفي من ضمن ضحايا تلك المؤامرة الخبيثة، وسنلاحظ جميعا كيف كانت لليوسفي مواقف شجاعة وصمود كبير سواء في دار المقري أو في السجن أو أثناء المحاكمة التي امتدت من 23 نونبر 1963 إلى يوم السبت 14 مارس 1964.

وفي صباح ذلك اليوم، غادرنا سجن لعلو وكان في استقبالنا بباب السجن الفقيد العزيز عبد الرحيم بوعبيد.

بعد ذلك ستبدأ بالمغرب مرحلة سياسية جديدة، تمثلت في لقاءات جمعت المرحوم الحسن الثاني مع القائدين الاتحاديين عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي.

وهي لقاءات كادت تؤدي مبكرا إلى تأسيس حكومة التناوب في عام 1965، ولكن جريمة اختطاف الشهيد المهدي بن بركة عملت على إجهاض تلك المحاولة، مما جعل اليوسفي يغادر المغرب ليبقى بعيدا عن الوطن 15 سنة.

في يناير 1992 توفي إلى رحمة الله عبد الرحيم بوعبيد فكانت الجماهير تسير في جنازته عبر شوارع العاصمة الرباط مرددة: بوعبيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح.

وها هو اليوم وبعد 28 سنة يلتحق به في دار البقاء عبد الرحمان اليوسفي بدون أن تتمكن الجماهير من المشاركة في جنازته نظرا لظروف الطوارئ الصحية.

أحد الإخوان بطنجة تبادلت معه التعازي في فقدان السي عبد الرحمان، فقال لي إن اليوسفي من حقه الآن أن يستريح بدلا من البقاء في هذا الزمن ليرى وجوه بعض التافهين الذين استولوا على حزب القوات الشعبية وجعلوا منه كيانا سياسيا نزل إلى الحضيض.

رحم الله عبد الرحمان اليوسفي وأسكنه فسيح جناته.