AHDATH.INFO
عبر عدد من الأئمة الحاملين لشهادات جامعية عن غضبهم واستنكارهم، بعد النداء الذي وجهه المجلس العلمي المحلي بوجدة، والذي طالب فيه المغاربة بدعم القائمين على المساجد في ظل الأزمة الخانقة لجائحة كورونا، واعتبر المجلس أن هذا النداء إحياء ل "عرف الشرط"، الذي كان يقوم مقام عقد عمل، يلزم جماعة المصلين بتوفير مؤونة أو مكافأة سنوية تخصص من الزكاة، لإمام المسجد الذي يلتزم بدوره بتعليم أبنائهم وإمامتهم في الصلاة، وقد تراجع هذا الشرط، بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية التي حالت دون إقامة صلاة التراويح، مما شكل حسب المجلس ضررا لعدد من القائمين على المساجد.
و اعتبر فضاء التواصل للأئمة، أن هذا العرف أصبح متجاوزا داخل المجتمع المغربي، واصفين نداء المجلس، بأنه "نداء حكرة" وتوصية الحط من الكرامة، ليحملوا المسؤولية للمجلس العلمي الأعلى، ووزير الأوقاف، بسبب ما وصفوه ب " التجاهل والتماطل في الاستجابة الحقيقية لمطالبنا المشروعة بإقرار سياسة رشيدة واقعية لحماية كرامة الأئمة"،
وقال العلامة مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة، وعضو المجلس العلمي الأعلى، في تصريح لموقع "أحداث أنفو"، أن ما جاء في كلام الأئمة الغاضبين يعبر عن رأيهم، لكن بالمقابل المجلس العلمي يعرف حقيقة مئات الأئمة المغاربة الذين يشتغلون وفق "عرف الشرط"، الذي يعد عقدا شرعيا وليس إهانة أو حكرة، لأن الإمام يؤدي رسالة للناس سواء تعلق الأمر بالمغرب، أو بأوروبا التي تستقبل سنويا عددا من أئمة المغرب في إطار اتفاق مسبق بين جمعيات أو أشخاص على أساس تقديم مقابل للإمام.
وفي تعليق منه عن استفسارنا حول ما جاء في البيان الاستنكاري الذي وصف "عرف الشرط"، بأنه أصبح متجاوزا داخل المجتمع المغربي، أوضح العلامة بنحمزة أن المجلس العلمي يضم علماء مغاربة أصدروا وثيقة تضم 111 صفحة عبارة عن دراسة قديمة وحديثة عن "الشرط" باعتباره تعاقدا يلزم الناس بتوفير مقابل ومسكن للإمام الذي يتولى إمامتهم وتدريس أبنائهم بعيدا عن أي حكرة، مذكرا بأن الحديث عن واقع الناس يستدعي استحضار ما يعيشونه في الميدان بعيدا عن التنظيرات.
وحرص الدكتور بنحمزة خلال تصريحه لموقع "احداث أنفو"، أن ينأى بنفسه عن ملف الإئمة في علاقتهم بوزارة الأوقاف، معتبرا أن هذا الأمر يخص الوزارة وأن من حق المعترضين التعبير عن رأيهم، وأن يكون لهم موقف آخر من "عرف الشرط"، لكن في نفس الوقت حرص على التمسك بموقفه من أن "الشرط" جزء من ثقافة المغاربة، وامتداد لمنظومة التكافل التي أعلنها المغرب في وقت مبكر لمواجهة عبء جائحة كورونا التي قال أن "كل شخص سيناله نصيب منها، لأننا أمام هزة اقتصادية كبيرة وعامة لا تستثني إماما أو ربان طائرة أو أي وظيفة في المغرب والعالم".
وقال بنحمزة أن المغاربة في هذه اللحظة يبحثون عن الخير، بعيدا عن الانتقاد وعرض المطالب أو تسجيل مواقف تحركها خلفيات معينة، مشيرا أن " روح التضامن هي ما مكن المغرب لحد الساعة من الوقوف في وجه الوباء، منذ انشاء صندوق الجائحة حيث الكل يتضامن ويتعاون ويتآزرمع مختلف فئات المجتمع بعيدا عن الحساسيات ... ومن الطبيعية أن أتحدث عن الأئمة لأنهم جزء من هذا البلد و ستطالهم الأزمة كما طالت الجميع، لذلك القول بأن بعض المبادرات تسول وحكرة هي خطابات خارجة عن السياق".
وفي ختام حديثه، قال بنحمزة أن الأولوية اليوم لحل المشاكل الراهنة، وتقديم المساعدة للمتضررين من مختلف القطاعات، ومنهم مئات الأئمة والمؤذنين والمنظفين بمساجد البوادي والمدن الذي استحسنوا لسنوات "عرف الشرط" ، كما طالب المغاربة بأن لا ينسحبوا من ميدان التعاون والتكافل الذي كانوا فيه سباقين لبناء المساجد وتأثيتها، ومساعدة المتحتاجين كما هو معمول به بين أتباع مختلف الديانات التي تساهم في الحفاظ على دينها بعيدا عن بعض الحسابات الضيقة.
تجدر الإشارة أن البيان الاستنكاري الصادر عن فضاء التواصل للأئمة المزاولين حاملي الشهادات الجامعية، اعتبر أن طلب المساعدة تحت عنوان "عرف الشرط"، إهانة لهم، مطالبين الوزارة الوصية بأهمية الإسراع في تنزيل الظهير الشريف 104ـ14ـ1 كنظام أساسي للنهوض بأوضاع أسرة المساجد عموما والأئمة المزاولين حاملي الشهادات الجامعية على وجه الخصوص، بعيدا عن ما وصفوه بنداء التسول الذي " يمعن في تقزيم وظائفنا ويسعى لتسويقنا في المجتمع كعَجزة ومعاقين معطلين .. ونذكر الرأي العام أننا نعتز بوظيفتنا الرسالية بالمساجد" .. مطالبين الحكومة بالإفراج عن مستحقاتهم من المال العام بعيدا عن المن ..!!