السياسة

مبادرة «لحماية نشطاء السلام من التجريم

أحداث.أنفو الاثنين 11 مايو 2020
78CC6B09-2592-4B7C-A641-D038809F18AE
78CC6B09-2592-4B7C-A641-D038809F18AE

AHDATH.INFO

باريس: قدم نحو 90 من القادة السياسيين الفرنسيين البارزين من بينهم أكثر من ستين نائبا من البرلمان الفرنسي يمثلون الأحزاب الرئيسية في البلاد، دعمهم المطلق للمبادرة التي أطلقها «المجلس العربي للتكامل الاقليمي«في باريس فبراير(شباط) الماضي،وتوصي بتوفير وسيلة تشريعية فعالة تحمي الداعمين  للسلام العربي – الإسرائيلي من الملاحقات القضائية. ويمنح التشريع المقترح، الوزارات الخارجية والمكاتب التابعة لها، فرصة أصدار تقرير سنوي عن إجراءات تجريم الحكومات العربية لدعاة السلام مع الإسرائيليين ومواجهة ما يسمى «قوانين مكافحة التطبيع«،وتقييم مدى التقدم في تنفيذ التشريع المقترح في الدول التي تحظر الاتصال الإنساني بين الشعوب العربية ودولة إسرائيل،وتجعل الدعوة إلى السلام أو مقابلة شريك إسرائيلي محتمل جُرماً تتراوح عقوبته من السجن إلى الإعدام.

وجدير بالذكر  أن «المجلس العربي للتكامل الاقليمي«عقد مؤتمره التأسيسي في لندن (نوفمبر 2019) بمشاركة أثنين وثلاثين عضوا يمثلون خمس عشرة دولة عربية - لا يوجد بينهم إسرائيلي واحد - وخرج بعدة توصيات كان في صدارتها تشريع مكافحة تجريم نشطاء السلام.

يضم المجلس نخبة من قادة الرأي - المثقفين والسياسيين والفنانين ونشطاء حقوق الإنسان - من شمال إفريقيا إلى الكويت- ويدعو أعضاؤه إلى كسر مقاطعة المدنيين الإسرائيليين، من أجل القضاءعلىثقافة الكراهية وكسر الجمود الحالي،ويعتقدون أن الوقت قد حان للتعلم من إخفاقات الماضي والدخول في حوار مع المجتمع الإسرائيلي ،ووضع ثقتهم في التعايش العربي اليهودي بدلاً من سياسة الرفض والإقصاء.

وفي الحادي عشر من فبراير (شباط) الماضي غادر نخبة من أعضاء المجلس إلى باريس وقدموا مبادراتهم أمام البرلمان الفرنسي وفي الإليزيه والخارجية الفرنسية.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها وقع نحو تسعين من القادة السياسيين والنواب الفرنسيين وعمدة باريس،أضافة إلى رؤساء وزراء ووزراء سابقين، وثلة من النخب الفكرية،على مقال نشرته المجلة السياسية الشهيرة (LePoint) ظهر اليوم الأثنين الحادي عشر من مايو (أيار)2020، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الموقعين من البرلمانيين وتلكم النخب السياسية والفكرية البارزة إلى أكثر من مئة وخمسين شخصا.

وأشاد الساسة الفرنسيون في مقالهم بمبادرة «المجلس العربي للتكامل الاقليمي«الرامية إلى مكافحة قوانين تجريم وتخوين الداعمين للسلام لا سيما أعضاء المجلس أنفسهم والمؤيدين لهم – وعددهم بالآلاف-  ووصفوها بالمبادرةلتاريخية).

ويناشد«المجلس العربي للتكامل الاقليمي« في بيانه جميع الدول في أنحاء العالم بتعميم هذا التشريع وتفعيله عالميا، ويدعو المجلس كل الدول أن تصوت من أجل أصدار تشريعات مماثلة ليتحقق السلام العالمي.

كما يناشد المجلس العربي كافة الدول العربية في المنطقة أن تستبق الدخول في أي صراعات مع الدول والبرلمانات المؤيدة للتشريع وأن تبادر برفع القيود عن نشطاء السلام وعدم تجريمهم أو تخوينهم من خلال العقوبات القانونية أو الاجراءات العقابية – مثل الطرد من الوظيفة والتحريض الإعلامي والأتهامات بالخيانة والعمالة والتي تصل إلى حد اسقاط الجنسية – وذلك في الدول التي لايوجد لديها تشريعات تجرم العلاقات الشعبية مع اليهود والإسرائليين ولكنها تعاقب نشطاء السلام بوسائل أخرى ربما أكثر قسوة من السجن.  

وأكد القادة السياسيون في مقالتهم في مجلة (Le Point) اليوم أن «المجلس العربي لا ينوي أن يكون بديلا للدبلوماسية الدولية في الشرق الأوسط، بل يزرع بذور رؤية جديدة ومبتكرة - مما يشكل تحديا وفرصة لكل أطراف النزاع«. وتستند هذه الرؤية إلى ما سبق وطرحة عضو المجلس العربي للتكامل النائب البرلماني المصري رئيس حزب الاصلاح والتنمية محمد أنور السادات في مؤتمر لندن التأسيسي وفي كلمته أمام أعضاء البرلمان الفرنسي في باريس، حيث طالب بتدفئة «السلام البارد» بين الحكومات والقطاعات الأمنية والنخب الاقتصادية في مصر وإسرائيل من خلال العلاقات الدافئة للمجتمع المدني داخل البلدين ليصبح جزءا أساسيا من مبادرة السلام.

وتؤيد المقالة ، رؤية المجلس العربي بعدم امكانية تحقيق سلام شامل بين الدول العربية وإسرائيل من خلال مبادرات السلام الدولية بدون دعم شعبي واسع ونشر ثقافة السلام والتعايش من خلال الخطاب السياسي العربي ومنابر الإعلام ومناهج التعليم كي تساعد على بناء أسس منهجية للعلاقات الطبيعية بين الشعوب العربية وجارتهم إسرائيل.

وأثبتت السنوات الـ41 الماضية – منذ أتفاقية كامب ديفيد- وبعد الجهود الكبيرة للقادة السياسيين والدبلوماسيين أن السلام لن ييجني ثماره بدون مشاركة شعبية ودعم القيادات للمبادرات المدنية بدلا من عرقلتها أو تجريمها خاصة في ما يتعلق بالمشروعات المشتركة.

والحاجة لـ«تدفئة السلام» لا تقتصر فقط على الدول التي وقعت أتفاقيات سلام مع أسرائيل، بل بين جميع الشعوب العربية وإسرائيل.

ويصف عضو المجلس العربي وزير الإعلام الكويتي الأسبق سامي النصف مبادرة «المجلس العربي للتكامل الاقليمي« بالرفيق الأجتماعي لمبادرة السلام العربية.

نحن بحاجة إلى تعزيز الظروف التي ستدمج الطاقات الواعدة في عملية التطوير والتنمية والازدهار والحفاظ على منطقة أكثر أمنا وسلاما ولن يكون ذلك إلا من خلال دعم التواصل الشعبي بين أبناء المنطقة.

وأشار القادة السياسيون وأعضاء البرلمان الفرنسي في مقالهم إلى التداعيات السلبية لمقاطعة العرب لدولة إسرائيل، وأكدوا أن للمقاطعة تأثيرا ضارا على الشرق الأوسط. حيث أثرت سلبا على الديناميكية الإسرائيلية الفلسطينية من خلال منع العرب من التأثير على هذا الصراع بطريقة إيجابية، وتعميق عزلة المجتمع المدني الفلسطيني عن بيئته العربية.و في الوقت نفسه ، غذت العداء لإسرائيل من جيرانه العرب. وحققت المقاطعة نتائج عكسية سلبية لا تفيد إلا الراديكاليين والمتطرفين من جميع المشارب.

 

وأعرب الموقعون على مقالة (Le Point) اليوم عن قلقهم - بصفتهم مسؤولين منتخبين في الجمهورية الفرنسية- بصرف النظر عن توجهاتهم السياسية – من أشعال البعض لفتيل الصرعات بين العرب والإسرائليينقالوا:

« لقد واجهنا استغلال النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على أرضنا الوطنية. وقد أدى ذلك إلى انفجار غير مسبوق للأعمال المعادية للسامية على الأراضي الفرنسية. وللأسف ، تم تصدير نفس منطق الكراهية والاستبعاد الذي أدى إلى زعزعة الاستقرار في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وأضعفت هذه التداعيات العنيفة النسيج الاجتماعي لفرنسا حيث أن أمتنا هي موطن أكبر الجاليات اليهودية والمسلمة في القارة الأوروبية. نحن نعتقد أن تعزيز ثقافة السلام في المجتمعات المدنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوف يساهم في تحقيق الأستقرار داخل الجمهورية الفرنسية وبالمنطقة، ويمكن للمجلس العربي أن يساعد في الحد من التطرف ليس فقط في تلك المنطقة، ولكن في فنائنا الخلفي أيضًا».

وعرض القادة السياسيون والنواب البرلمانيون عدة مشروعات مبتكرة لأعضاء المجلس سبق وعرضها أصحابها خلال أجتماهم في باريس بأعضاء البرلمان الفرنسي وفي أجتماعهم مع مستشار الرئيس الفرنسي في الاليزية وكذلك في الخارجية الفرنسية.

لكن هذه المشاريع الواعدة والتي وصفها أعضاء البرلمان الفرنسي بـ (النبيلة) لن ترى النور وفقا لمقالهم اليوم، حيث تستمر القوانين في معظم الدول العربية بالتهديدات الجنائية للمؤيدين من العرب للحوار مع الإسرائيليين.

وفي ختام المقال «دعت الحكومة الفرنسية شركاءهاالأوروبيين إلى توفير الحماية الدولية لأعضاء «المجلس العربي للتكامل الإقليمي»، وبصورة أعم، لعرب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذين يطالبون بالسلام والحوار مع الإسرائيليين .

ينبغي تعبئة وكلائنا الدبلوماسيين الذين تم نشرهم في الخارج -عند الحاجة- لتوفير هذه الحماية على أساس مبدأ الحصانة الدبلوماسية، كما هو معترف به في القانون الدولي. إلى جانب ضمان الحماية الدولية، نقترح أيضًا إنشاء لجنة دراسية في الجمعية الوطنية وفي مجلس الشيوخ تتمثل مهمتها في ضمان الإشراف القانوني والتقني على العقبات التي يواجهها المؤيدون العرب للحوار مع الإسرائيليين. يمكن أن تجتمع جمعياتنا كل عام - لا سيما بمناسبة منتدى باريس للسلام - لتقييم الإجراءات التي اتخذها المجلس العربي والصعوبات التي واجهها أعضائه على أرض الواقع لتطوير مشاريعهم النبيلة. معززة بعلاقاتها التاريخية وعلاقاتها الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية مع جميع دول العالم العربي، ويمكن لفرنسا أن تلعب دوراً خيّراً من خلال تشجيع النهج البناء لأعضاء المجلس العربي والمشاريع التي يقومون بها. من خلال تعزيز علاقاتنا مع المشاركين في هذا التقارب بين المجتمعات المدنية في العالم العربي وإسرائيل، ستكون بلادنا قادرة على زيادة التأثر والمساعدة على تمكين السلام لإيجاد طريقه إلى منطقة تحتاجه بشدة».

---------------