آراء وأعمدة

بعد الحكم على البيدوفيل الفرنسي: أمريكا “المنحلة”.. و المغرب “المحافظ”

أسامة خيي الاحد 01 فبراير 2015
بعد الحكم على البيدوفيل الفرنسي: أمريكا “المنحلة”.. و المغرب “المحافظ”
Pédophilie

AHDATH.INFO - خاص

أصدرت المحكمة الابتدائية بمراكش يوم الخميس، حكمها في قضية البيدوفيل الفرنسي جون لوك ماري غيوم، المتهم باغتصاب حوالي تسعة أطفال بمدينة مراكش.

المحكمة قضت في حق البيدوفيل بسنتين سجنا نافذا، نعم سنتين، وغرامة مالية تقدر بـ  40 ألف درهم كتعويض للجمعية المغربية لحقوق الإنسان والتي تولت الدفاع عن الضحايا، إضافة إلى درهم رمزي لباقي الجمعيات المؤازرة لها في القضية.

الفرنسي، والذي يتجاوز سنه ستين سنة، يقيم في المغرب منذ أكثر من 34 سنة.

و 35 سنة أو أكثر، هي المدة التي كان سيقضيها وراء القضبان، لو تمت محاكمته في أمريكا “المنحلة” و “المتهتكة”، فليحمد الله اذن أنه حوكم في المغرب “المحافظ”.

في هذا المغرب “المحافظ”، الورع، التقي، و الذي يمكن أن يتقمص فيه بعض أفراد أسرة الشرطة، دور “المطاوعة” بسهولة، و يسألك أحدهم : شكون هاذي لي معاك ? لاش شادلها فيديها ? أش كاتجيك ? و هلم أسئلة تحس معها أنك حقيقة في دولة الملالي رغم الماكياج الفوقاني، و تشعر أنك مضطهد في بلادك، فقط لأن مزاج أحدهم استقصدك، و بامكانه أن يدخلك للسجن بتهمة الحب، بكل بساطة، فالقانون في صفه، و يمكن أن يفسره و يكيفه كما أراد، و الأمثلة أكثر من الهم على القلب، و سنرجع لها.

في هذه الأجواء “المحافظة”.. على التخلف.. القانوني و السلوكي و العاطفي، يحكم على مجرم انتهك عرض قرابة عشرة أطفال، و لا نظن أن هذا هو فقط سجله في 34 سنة “خدمة”، بسنتين، أي و الله، سنتين.

في الدول “المحافظة” حقيقة.. على كرامة أطفالها، كما على حرية مواطنيها، لم يكن لجريمة كتلك التي اقترفها هذا الفرنسي غيوم في حق أطفال، أن يحكم فيها بأقل من 20 أو 30 سنة.

في الدول الغربية الكافرة، و التي لادين لاها و لا قيم، الفاسقة الفاجرة، لا تسامح مع منتهكي حرمة الأطفال.

أما في دولة “التسامح”، فيمكن أن “تمر” على أطفال المغاربة، وأنت مرتاح البال، فقد يكافئك القضاء بعطلة مدتها سنتين، في زنزانة مكيفة، عطلة مدفوعة الأجر من ضرائب المغاربة، الذين كنت منشغلا لتوك، بهتك عرض أطفالهم.

في أمريكا، و هي أول منتج لأفلام البالغين، أو أفلام “البورنو” ، و التي تضمن في كل ولاياتها حرية ممارسة الجنس بين بالغين متفقين راضين، و التي تسمح بعض ولاياتها فوق هذا بقانونية مهنة بائعات الخدمات الجنسية، هذه الأمريكا اللعينة، ستحكم عليك ب 35 سنة سجنا نافذا، في عقوبة غير قابلة للعفو أو المراجعة، اذا ما مسست عرض طفل من أطفالها.

أقول طفل واحد، فما بالك بتسعة أو عشرة، في هذه الحالة، أنت مجرم بالتسلسل، و العقوبة ستكون أكثر قسوة و صرامة.

الفرق بين التقدم و التخلف يوجد هنا بالضبط، في قيمة الانسان.

حمايته قبل بلوغه، أشد ما تكون الحماية، و ليس تضييع حقوقه و هو طفل، و التسلط عليه و هو بالغ راشد.

هنا في المغرب عقلية تخترق جميع المؤسسات، و جميع الطبقات، و جميع الفئات، و هي عقلية استعمارية موروثة، تعتبر المغاربة مجرد “أنديجين”، أو بلغة الفيسبوكيين “بوزبال”، شياطة، سلعة ناقصة، دودة زائدة.

قبل سنوات، كان هناك تصريح صادم لمسؤول مخابراتي أمريكي يقول فيه أن الحكومة المغربية تدلي بمعلومات عن مواطنيها، أكثر مما يلزم، في الوقت الذي تشكل حماية معطيات المواطنين، مسؤولية أي حكومة متحضرة.

هي نفس العقلية، استباحة المواطن المغربي، في حريته، في كرامته، في عرضه، و في معطياته، هو مجرد عائق أمام تمدد الأسياد، و تلذذ أسياد الأسياد..  هو وأطفاله.

هذه العقلية قديمة، تقاوم بشراسة، تفقد مواقع و تربح أخرى، ووجودها، علامة تخلف دولة بأكملها.

الدولة التي لا تحمي أطفالها، لا تستحق الاحترام، و لنا في قصة الطيار السعودي في أمريكا ألف عبرة.

مازن العتيبي، 25 عاما، طيار سعودي أقام لفترة مؤقتة في قاعدة لاكلاند الجوية في ولاية تكساس الأميركية. زار لاس فيغاس، و ما أدراك ما لاس فيغاس، عاصمة عالمية “للفجور” بكل أنواعه، لكن لسوء حظه أن ممارسة الجنس مع طفل عمره 13 سنة، لا تدخل ضمن قائمة النزوات التي يمكنك الاستجابة لها هناك، دون أن تطالك يد العدالة.

قضت محكمة أميركية اذن بالسجن لمدة 35 عاما على الرقيب في سلاح الجو السعودي، وأدانته باغتصاب صبي عمره 13 عاما في فندق في لاس فيغاس، وبتهم الخطف، والسطو، والاكراه، والفجور، والاعتداء الجنسي على قاصر، في الواقعة التي حدثت ليلة رأس السنة. وظل مازن العتيبي، محدقا في الأرض عند ظهوره في المحكمة، بينما كانت والدة الصبي تتهمه بتدمير حياة ابنها.

وأقرت المحكمة أن الصبي الأمريكي ارتكب خطأ بطلب الماريوانا من العتيبي عندما كانا في رواق فندق سيركس سيركس بعد الفجر ليلة 31 ديسمبر.

لكن هذا لم يمنع المتحدثة باسم المحكمة الأمريكية، ماري آن برايس، من القول، إن الحكم الذي أصدرته المحكمة غير قابل للعفو خلال فترة تطبيق العقوبة، وإنه حتى بعد إطلاق سراح السعودي المدان بعد 35 سنة، سيظل قيد المراقبة.

ماذا كان سيكون مصير العتيبي لو كان في المغرب?..

سؤال..  نعرف اليوم جوابه..

 

شادي عبد الحميد الحجوجي