ثقافة وفن

"الكتابة وتجربة الحدود " لمحمد الشيكر في ضيافة الملتقى الأدبي لسلا المستقبل

ع.عسول الاحد 05 مايو 2019
CaFFVDEEEEEEpture
CaFFVDEEEEEEpture

AHDATH.INFO

احتفاء باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، وتفعيلا لبرنامجه الشهري، نظم الملتقى الأدبي لجمعية سلا المستقبل ، بمقر الجمعية قراءة في كتاب "الكتابة وتجربة الحدود" تقاسمتها مداخلتين، الأولى تحت عنوان "الكتابة دعوة لتكسير الحدود" قدمها الدكتور محمد أوحدو. أما الثانية فقدمها الدكتورإسماعيل الموساوي بعنوان "المنحى الصوفي في تجربة الحدود".

كان أول مفتتح للقاء ذ.محمد موسي بكلمة للجمعية المنظمة أكد  فيها " بأن التمتــرس بالثقـــافة هو الرافعـــة لتحقيق تنمية بشــرية حقيقيـــة"، شاكرا الأستــاذ محمد الشيكر الذي أتــاح ، بمنجزه الإبداعي "الكتــابة وحدود التجربة"، فرصــة لإحتضــان هذه الوجوه المتــألقة والنفوس المتعطشة للعلم والمعــرفة.

المداخلة الأولى كانت قراءة د. محمد أوحدو  الذي سجل  أن كتاب '' الكتابة وتجربة الحدود '' لمؤلفه د. محمد الشيكر، يسائل فعل الكتابة كتجاوز  لحدث أنطولوجي  باعتبارها عملية تحرر وتجربة في حقل الحرية، إنها تتجاوز بذلك الحدود التي تفرضها قيود الأنا وسلطتها على المنتج  لتعانق العالم، بدءا من القارئ والمتلقي. فالخوض في الكتابة،  تجربة محفوفة بالمخاطرة إنها أيضا غوص في عوالم قد تجعلك منبوذا ومستعصيا على الفهم، على اعتبار أنها تستوجب من الكاتب الخروج من حدود الذات للإفصاح عن أشياء كانت في طي الكتمان، أو التجرؤ على تعرية المحظور.

وأضاف أوحدو "أن المؤلف يذهل في مسعاه وراء الكتاب إلى التأكيد على أن الكتابة كحدث إبداعي بإمكانها أن تجمع  بين ثلاث مرجعيات أسياسية: مرجعية فلسفية،مرجعية جمالية وإستطيقية، ومرجعية أدبية. فما يظهر من هذا المؤلف وما يميزه يتمثل في محاولة الكاتب وبشكل موفق إلى حد كبير إلى المزج بين هاته المرجعيات الثلاث في كتابه. من خلال مسائلة مجموعة من الأسماء التي حسبت على الإبيستيمي الحداثي المرتبط بالكتابة، مثل '' سيوران ، وبلاشوا ، وجورج باتاي، وعبد الكبير الخطيبي، الذين حاوروا الكتابة باعتبارهم كتابا، وإن أتوا إليها من آفاق معرفية مختلفة .حيث  من النادر عادة أن نجد مسألة الكتابة من خلال هاته الأفاق المتعددة . لذا يبدو أن محمد الشيكر  يراهن على اعتبار أن قيمة المنجز تتحدد في أن يصبح موضوع مساءلة ونقد كجزء من متابعة ومصاحبة الكتاب من طرف القارئ..."

إن اللغة في "تجربة الحدود"-يستطرد اوحدو " تتموضع موضع النقيض من العالم. فهي تغادر وظيفتها الأداتية التواصلية والحسية لتتبوأ مكانة الفاعل مدحرجة الكاتب إلى رتبة مفعول، شبيهة بما تفعله الألوان من حجب فاعلها،  في منجز إبداعي، إلا من حق الحضور بالتوقيع. وتتزيي اللغة في علاقتها بالكاتب بلبوسين اثنين. فهي إما لغة داخل لغة، أو إبداع من فوق إبداع. الأولى تعني الكتاب المهاجرين عن لغاتهم الأم نحو ثقافات ولغات مختلفة: الكتاب الفرنكفونيون نموذجا. والثانية تخص الترجمة في قراءتها النص الأصلي قراءة تأويلية، فتصيره إبداعا..."

المدخلة الثانية بعنوان 'المنحى الصوفي في تجربة الحدود' ،أدلى بها ذ. إسماعيل المساوي ،و استهلها بالقول أن كتاب الشيكر خرق  العرف لدى دارسي الأدب والعلوم الإنسانية القائل أن الذات الكاتبة للكتاب هي الفاعلة والكتاب هو الفعل ،حيث إن كتاب " الكتابة وتجربة الحدود "لمحمد الشيكر يجعل الكاتب / الذات المؤلف ... (الفاعل) مفعولا وغير حاضر أي غائب إن لم يكن ميتا ، وتضحي اللغة  فاعلة أو كفعل بلا حدود ولا ذات.أما الموضوع (النص الكتابة ( الفعلية))  فيصير كفعل محايد و التجربة  تمسي تجربة عدم لا فاعلة ولا مفعولة ولا فعل.

المتدخل ركز بشكل كبير على تجربة الكتابة الأدبية الصوفية الفلسفية في تجربة الحدود والتي اختزل مميزاتها في كونها ،تجربة حدودية محايدة لا شخصية تضع الأنا على عتبة الغياب، وتقود الذات إلى الانمحاء والتشظي والتيه والشتات ويتحلل الأنا من هويته ككوجيطو.و تجربة مجازفة انطولوجية ومواجهة للخطر. وكل تجربة حقة-كما يقول فيليب لاكولا  هي "تجربة عدم" أو تجربة فقد وانمحاء تسوق من يضطلع بها أو يكتبها إلى التضحية بذاته وهدر وجوده من أجل العمل الأدبي على حد تعبير بلانشوت.تجربة لا تصبح الكتابة تجربة قصوى إلا حينما تجازف بتعدي كل الحدود الموضوعة بما فيها الحدود التي تضعها اللغة الطبيعية والمطبعة ذاتها.

مضيفا أن تجربة الحدود التي ينتظم فيها المبدع تضعه على تخوم الالهي، وتموضعه إزاء المطلق.

ومن ثمة يقول المساوي " لا نتحدث في تجربة الكتابة عن الأدب وأجناسه كالشعر والرواية ولا عن النقد الأدبي الذي يواكبه بذلك الشكل التقليدي السطحي، وإنما تتحدث عن ذا وذاك انطلاقا من الكتابة كتجربة للحدود. ليصبح الأدب والشعر والنقد في حلة جديدة .فالحقيقة الشعرية-مثلا- لا تندلف ملء يدي الشاعر إلا في أعالي سكراته وتمالاثه؛ وهذا هو جوهر الشعر الصوفي الذي يندرج ضمن كتابة الأعالي التي تلامس فيها الكتابة ذرى الانتشاء والجنون  والقبض والبسط والحضور والغياب والفقد والوجد والسلب والإيجاب والسكر والصحو والتخلية والتحلية والواقع والخيال والمحو وخرق الحدود .

وبالجملة فإن اللغة عبر الكتابة وتجربة الحدود –كما يقول الأستاذ الشيكر- ،سعي متواصل للتفرد وكشف متواصل للوجود، وكائن يحتوينا ويشكلنا ونفسر من خلاله وجودنا، ومن غير هذه اللغة لا ينوجد الوجود أصلا ولا تتكون ثمة كينونة .

ذ.الشيكر عبر عن سعادته بهذا اللقاء العميق، بعد لقاءين سابقين حول كتابه بالبيضاء والرباط مؤكدا في كلمة مقتضبة " حكاية الكتاب أنه كتب على نار هادئة كما يقال ،وباقتراب كبير من النصوص ، بعدما فرغت منه وضعته بين أيدي أستاذنا د.محمد سبيلا ،الذي وصف الكتاب بكونه مزلزلا ،ناصحا بعدم نشره الآن،موصيا بنشره بدار نشر مشرقية على اعتبار كثرة المداخلات ونسبة المقروئية ،وأن تنشر نسخ قليلة بالمغرب،وهو ما تم. لكن المفاجأة كانت أن النسخ الألف نفذت بسرعة ،وهو مبعث بهجة ، لأن في تقديري نوعية الكتاب تدخل في مجال الكتب الصعبة والتي يتخوف من اتيانها ..مما يبرز أن اشكالات الكتابة واللغة والكاتب كلها تعنينا جميعا سيكولوجيا ،في التجربة الوجودية ...كلنا يريد أن يكون ذلك الكاتب وليس المتكتب،الذي يجعل من اللغة غاية بذاتها ..من جانب آخر  فالحد الذي أعنيه بكتابي بالثخوم.