بوابة الصحراء

الصحراويون بين نمودج البؤس وخيار التنمية

حكيم بلمداحي الاثنين 29 أبريل 2019
1420715222laHOuqJt_650x400
1420715222laHOuqJt_650x400

بوابة الصحراء: حكيم بلمداحي

من المقرر أن يتم اليوم التصويت على القرار المتعلق بقضية الصحراء في مجلس الأمن. القرار الذي أصبح نصف سنوي بعدما كان يصدر مرة من كل أبريل، من المنتظر أن يمدد مهمة المينورسو لمدة ستة أشهر أخرى، ويعيد تكرار حث الاطراف على البحث على حل سياسي عادل ودائم ويشيد بمجهودات المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء.

هذه النقاط أصبحت مألوفة، لكن هذه المرة تأتي في سياق خاص. هناك أولا الحديث عن اجماع الأعضاء الخمسة صاحبة الحق في الفيتو في التصويت لصالح القرار، وهذا تطور ملموس قد يفصل قضية الصحراء عن التصارعات الجيواستراتيجية خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

ثانيا، هناك صيغة المائدة المستديرة التي يشرف على تنظيمها المبعوث الخاص للأمين العام في الصحراء أنطونيو غوتيريس، وهي المائدة التي نظمت نسختان منها والثالثة مبرمجة في وقت لاحق. الجديد في هذه اللقاءات هو أنها تتعمد في أن يشارك فيها وفود المنطقة بصفتها تشكل أطراف النزاع، وهذا يدل على أن الأمم المتحدة فطنت إلى خلفيات النزاع المفتعل. هذا الأخير الذي يشكل تصارعا جيوستراتيحيا ولا يتعلق إطلاقا بمنطق استعمار كما يروج له أعداء الوحدة الترابية.

وهناك ثالثا التطورات التي تعيشها الجارة الجزائر من مخاض التخلص من نظام بنى سياسته الخارجية منذ وصول هواري بومدين الى الحكم، على افتعال النزاعات مع المغرب، وخلق مشكل الصحراء بطريقة قال عنها بومدين نفسه وضع حصى في حداء المغرب.

التطورات التي تشهدها الجارة الجزائر سوف يكون لها تأثير على قضية الصحراء لا محالة، خصوصا إذا ما انتهى كل المنتفعين من القضية من جنرالات ومخابرات.

غير أن ما يجب أن يفطن له المنتظم الدولي، وما يتطلب مرافعة قوية من المغرب، الرسمي منه والشعبي، هو الوضع الانساني الذي يعيشه سكان مخيمات تيندوف. لقد اشتد الحصار المضروب على هؤلاء بسبب الغليان الذي تعيشه الجزائر، وازدادت معاناتهم بشكل كبير.

لقد وقف المنتظم الدولي، من خلال تنظيماته سواء من الأمم المتحدة، أو الاتحاد الأوروبي، وكذلك بعض من المجتمع المدني والاعلام، على واقع الامر وعلى نموذجين واحد في تيندوف والثاني في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.

لقد تعرف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء أنطونيو غوتيريس على واقع الأمر اثناء زيارته لتيندوف وللأقاليم الجنوبية، والتقى كل الحساسيات في العيون والسمارة والداخلة، في حين كانت لقاءاته موجهة في مخيمات تيندوف، ولا شك أنه فطن للأمر. وقد أخذ غوتيريس فكرة عن الأوضاع وضمنها في تقاريره التي أشادت بالمجهودات التنموية في الأقاليم الجنوبية المغربية، وفي البؤس في مخيمات تيندوف.

نموذج البؤس هذا يجب أن يكون معروفا للعالم، ليتبين له بأن الحصى التي أصر بومدين على وضعها في حداء المغرب يدفع ثمنها أناس دنبهم أنهم أبناء الصحراء، تم استغلالهم ببشاعة لحسابات رومانسية عند بعض المندفعين من الرعيل الأول للبوليساريو، لكنها ذات أبعاد أخرى بالنسبة لحكام الجزائر وليبيا القدافي..

إن سكان مخيمات تيندوف اليوم يجب أن تتاح لهم حرية اختيار النموذج الذي يصلح لهم، نموذج بؤس المخيمات أو نمودج تنمية الأقاليم الجنوبية. وهذا لن يتم سوى برفع الحصار عنهم وترك حرية الفرار لهم. ويعلم الجميع أن أصوات عدة عبرت عن ترحيبها بمقترح الحكم الذاتي، لكن الأغلبية في المخيمات لا تستطيع البوح بما تريد خوفا من التخوين والقمع والاعتقال وربما الاغتصاب والقتل.