اقتصاد

وجهة نظر في قانون المالية 2015

أسامة خيي الخميس 23 أكتوبر 2014
وجهة نظر في قانون المالية 2015
Capture d’écran 2014-10-22 à 20.50.28

AHDATH.INFO - خاص

يوم الإثنين الماضي عصراً، قدم السيد محمد بوسعيد، وزير المالية، مشروع قانون المالية لسنة 2015 أمام البرلمان. قانون لم يأتي بأي جديد، سوى بعد التغييرات في العناوين لملاءمتها مع الخطب الملكية الأخيرة.

مشروع ميزانية 2015 الذي قدمه السيد الوزير كرس منطق الإستمرارية في كل شيء : الإستمرارية في منطق "البريكولاج"، والإستمرارية في منطق الإجهاز على القدرة الشرائية للمغاربة، وغياب أي جواب ملموس للأسئلة الكبيرة التي تؤرق نوم الشعب المغربي.

شخصياً، لم أكن أنتظر من الحكومة أن تأتي بأي جديد في القانون المالي للعام المقبل لسببين رئيسيين :

- السبب الأول هو أن فترة ثلاث سنوات كانت كافية ليفقد أي ذي عقل الثقة في قدرة هذه الحكومة على اتخاذ أي قرار في مصلحة الشعب المغربي.

- والسبب الثاني هو أن هذه الحكومة تفتقد أساسا لرؤية واضحة واستراتيجيات قطاعية واضحة المعالم، فكيف لمن لا يتوفر على رؤية واستراتيجيات وبرامج أن يأتي بمخططات لتمويل هذه البرامج الغائبة أصلاً.

فكيف إذن لحكومة تفتقد تصوراً واضحاً لإصلاح التعليم مثلا أن تأتي بأي جديد في ميزانية هذا القطاع سوى تخصيص بعد المناصب المالية التي لن تسمن ولن تغني من جوع ؟ فالحكومة التي تخصص في ميزانيتها 39 مليار درهم للأجور في قطاع التعليم، لم تستطع أن تخصص سوى 4 ملايير درهم للمعدات واللوازم في نفس القطاع. يعني أن الحكومة تضع رهن إشارة كل 1 درهم في الأجور 0,1 درهم للمعدات واللوازم، فأي جودة للتعليم ستضمنها هذه الميزانية؟ وأي ظروف عمل ستوفرها هاته المبالغ الهزيلة لرجال ونساء التعليم ؟

والغريب في الأمر هو أن هذه الحكومة التي تفتخر بمخطط الإقلاع الصناعي، الذي لا زال حبراً على ورق، لم تخصص في ميزانيتها برسم سنة 2015 سوى 20 منصباً مالياً لقطاع التكوين المهني. أي أقل من منصبين لكل جهة بعملية حسابية بسيطة، ضاربةً بعرض الحائط كل التوجيهات الملكية في الخطب الأخيرة لإعطاء عناية خاصة لقطاع التكوين المهني.

فكيف إذاً سننتظر من الحكومة أي جديد في ميزانيتها وهي لا تتوفر على أي رؤية واضحة المعالم لإصلاح قطاعات الصحة والعدالة والسكن والنقل وغيرها من القطاعات الحيوية ؟ وكيف سننتظر أي جديد في ميزانية حكومة يقول رئيسها أمام الملأ بأنه على الدولة أن ترفع يدها عن قطاعي التعليم والصحة ؟ مع أن المغاربة يدفعون الضرائب كل يوم ليحصلوا على خدمات عمومية في المستوى، ويصدمون كل يوم بواقع أسود.

مشهد وزير المالية وهو يتلو على مسامعنا ما كتبه مستشاروه ليزينوا ميزانية السنة المقبلة أصبح مشهداً روتينياً نسمع خلاله ما لذ وطاب من الشعارات والوعود، قبل أن يدفن وزراء الحكومة رؤوسهم في التراب عند حلول موعد تفقد الحصيلة السنوية للحكومة.

السيد الوزير قدم ميزانية تمثل الضرائب المباشرة أكبر مواردها بنسبة 30%، في حين تمثل القروض 25% من مواردها. ولم تستطع الحكومة خلال ثلاث سنوات أن تتخذ أي قرار ملموس ضد التهرب الضريبي لتستطيع الرفع من موارد الدولة، وبالتالي توسيع الميزانية وخلق موارد إضافية لتمويل مشاريع جديدة.

الحكومة التي تطرب آذاننا صباح مساء بالجهوية الموسعة لم تأتي بأي إجراء جديد في ميزانيتها يوسع من صلاحيات الجهات وميزانياتها سوى تخصيص مبلغ 1% من الضرائب على الشركات والدخل لفائدة الجهات، في حين تبقى ميزانية الإستثمار المخصصة للجماعات الترابية أصغر عشر مرات من ميزانية استثمار الوزارات والمؤسسات العمومية التابعة للحكومة. يعني أننا سنشتغل بنفس المنطق القديم وسيبقى دستور 2011 حبراً على ورق، وسيبقى الولاة والعمال هم الحكام الفعليون على الأرض فيما ستتم محاسبة المنتخبين بالصناديق على صلاحيات لا يمتلكونها أصلاً.

مشروع قانون مالية 2015 لم يأتي بأي جديد سوى تكريس منطق الخضوع للمؤسات الدولية من خلال تخفيض ميزانية الدعم قبل إلغائها نهائياً، وفرض المزيد من الضرائب على المواد الإستهلاكية من خلال تجميع الضريبة على القيمة المضافة في نسبتين فقط. الشيء الذي سينتج عنه ارتفاع أسعار المواد الأساسية، لأن الضريبة على القيمة المضافة ضريبة عمياء لا تميز بين الفقير والغني. في حين تبقى الحكومة عاجزة عن رفع الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمنتجات التكميلية التي يستهلكها أغنياء القوم فقط.

كنا ننتظر من الحكومة أن تقدم في مشروع ميزانية العام المقبل مخططها لتمويل كل الإصلاحات الكبرى التي طال انتظارها، لكن للأسف غياب أي رؤية للإصلاح يجعل أي حديث عن تمويل ذلك الإصلاح عقيماً ودون أي جدوى. لن نتحدث عن هزالة الميزانيات المخصصة للثقافة والرياضة والشباب والتنمية الإجتماعية، ولن نذكر رئيس الحكومة بأنه وعد المغاربة بتحقيق نسب نمو في حدود 7%، في حين يشير مشروع ميزانية 2015 إلى توقع نسبة نمو في حدود 4,4% لن تسطتيع الحكومة تحقيقها كما لم تستطع تحقيق النمو الذي وعدت به خلال سنوات 2012 و2013 و2014. حيث تشير تقارير بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط إلى نسبة نمو في حدود 2,4% بالنسبة لسنة 2014, فيما لم يتجاوز النمو نسبة 2,4 % سنة 2012.

خلاصة القول "فاقد الشيء لا يعطيه".

-6

بقلم: خالد أشيبان