ثقافة وفن

كيروم ينتقم من ناجي العلي واللجنة تنصفه !

أسامة خيي الاحد 14 سبتمبر 2014
كيروم ينتقم من ناجي العلي واللجنة تنصفه !
unnamed-2

ahdath.info - خاص


الفيلم الفلسطيني الذي قال عنه الناقد السينمائي المغربي حمادي كيروم مستشار وزير الاتصال بأنه مسيء للقضية الفلسطينية وبأنه ضعيف فنيا وجماليا، منحته لجنة تحكيم مهرجان أصيلة للفيلم الوثائقي الجائزة التي تحمل اسم "جائزة الجزيرة الوثائقية"، وهي الجائزة الأكبر من حيث القيمة المالية التي حددها المنظمون في عشرة آلاف درهم.

لماذا هذه اللجنة التي تتكون من مهنيين ينتمون إلى مجال السينما الاحترافية والذين يحملون جنسيات بلدان المغرب ومصر وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا منحت هذه الجائزة للفيلم الفلسطيني "ناجي العلي في حضن حنظلة"؟

 لأنها اعتبرت بكل بساطة بأن هذا الفيلم هو عمل تلفزيوني توثيقي بامتياز، يحمل رسالة ويُدافع عن قضية. فرسالته تمكّن من إيصالها بإمكانيات بسيطة حيث استطاع أن يُقرب مشاهدي التلفزيون من شخصية رسام الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي الذي اغتاله الصهاينة، و أن يثير الأسئلة حول الرمز الذي كانت تمثله شخصية حنظلة التي كان يُدرجها دوما ناجي العلي في رسوماته، وذلك من خلال شهادات مثقفين وأدباء فلسطينيين، من بينهم الشاعر الفلسطيني سامح القاسم الذي وافته المنية في الأيام القليلة الماضية.

[caption id="attachment_20540" align="aligncenter" width="300"]حمادي كيروم الناقد ومستشار وزير الاتصال حمادي كيروم الناقد ومستشار وزير الاتصال[/caption]

بمعنى آخر اللجنة اعتبرت أن هذا الفيلم ذو طبيعة تربوية وأنه يخدم قضية فلسطين من خلال الاحتفاء بناجي العلي الذي نذر رسومه للتنديد بالاحتلال الإسرائيلي الغاشم للأراضي الفلسطينية. وهذه الاعتبارات كان من المفروض أن يأخذها الناقد السينمائي حمادي كيروم في تعامله مع الفيلم أثناء النقاش، وأن يبذل بعض الجهد من أجل التخلص ذهنيا من نماذج الأفلام الوثائقية التي سبق له أن شاهدها وأُعجب بها، وألا يقيس كل الأفلام التي يراها على النماذج الراسخة في ذهنه.

كما كان من المفروض أن يكون ذهن الناقد السينمائي حمادي كيروم مستعدا لقبول نماذج أفلام أخرى ذات طبيعة تعليمية، لا يهتم مخرجوها بتقنيات السرد الفيلمي ولا بجماليات الإضاءة وحركات الكاميرا وفضاءات التصوير بقدر ما يهمهم إيصال رسالة مباشرة، مثل ما يحدث في قسم دراسي أو أثناء إلقاء محاضرة.

ومن ثمة، لم يكن من اللائق إطلاقا أن يتعامل حمادي كيروم بعنف مع مخرج الفيلم الفلسطيني فايق جرادة ويقول له بتعالٍ بأنه أساء بفيلمه الضعيف للقضية الفلسطينية، علماً أن هذا المخرج كاد يوما أن يفقد حياته في إحدى الغارات الإسرائيلية ومازال أثر العدوان على رجله التي يعاني من إعاقة فيها أثناء المشي.

فمثل هذا الكلام الجارح الذي يندرج ضمن أحكام القيمة والذي استقبله بمرارة شديدة مخرج اختار المنظمون بلده ضيفا للمهرجان من شأنه أن يطرح سؤالا كبيرا وعريضا حول الكيفية التي يفهم بها بعض الأشخاص النقد السينمائي، الذي من المفروض أن يساهم في الارتقاء بمستوى إدراك الأعمال الفنية من خلال السعي إلى تفسير الآليات التعبيرية التي تقوم عليها هذه الأعمال، والتي اختارها المبدع في مقاربته الفنية للمواضيع، من وجهة نظره الخاصة.

وبهذا الصدد، من اللازم التذكير بأن الفن يقوم على الحرية. والحرية ليست هي التقيد بما يعجب هذا أو ما لا يعجب ذاك. بل هي نزوع طبيعي نحو ممارسة إرادة شخصية بناء على وعي خاص ومرجعيات فردية.
أحمد الدافري