ثقافة وفن

موليم العروسي: فردية المواطن أساس الترافع

أحداث أنفو السبت 24 سبتمبر 2022
97DE921F-C1C0-4B44-BA8E-B11A1F7CE7DC
97DE921F-C1C0-4B44-BA8E-B11A1F7CE7DC

Ahdath.info

افتتح أمس الجمعة 6 شتنبر الحالي، عالم الجماليات المغربي، موليم العروسي، الموسم العلمي لمؤسسة "منصات" للدراسات والأبحاث الاجتماعية.

الدرس الافتتاحي الذي ألقاه موليم العروسي، أحتضنته قاعة حبيبة المذكوري بالمركب الثقافي عين الشق بالدار البيضاء، وكان عنوانه "من الفرد إلى الفردانية أية تحولات؟".

وفي مستهل الدرس الذي قام بتسيير اطواره عزيز مشواط رئيس مؤسسة "منصات" وأستاذ علم الاجتماع بجامعة الدار البيضاء، اكد موليم العروسي أن الماضي يكبح الفردية والمرأة أكبر الضحايا.

وحسب العروسي فإنه بالرغم من وجود قوانين وسجل كامل ومتكامل يحمي المواطن كفرد إلا أننا مازلنا ننسب الذكر إلى أبيه أو قبيلته، ونخفي المرأة كذات خلف ستار "ابنة فلان"، "زوجة فلان" و "أم فلان"، وننسى وجودها كفرد مستقل، بل وحتى القانون لا يحميها في معظم الأحيان.

وأضاف المتحدث أن" المغرب عرف منذ ما قبل الاستقلال نقاشات لا تزال رواسبها تعيش معنا، عند الحديث عن الفرد. صحيح أن الفرد موجود لأنه مسؤول عن ذاته، لكن هناك البعض من مخلفات الماضي كأن يعرف الرجل بوالده، بقبيلته وبمنطقته فمثلا نقول " أحمد ابن فلان ونضيف القبيلة فيصبح "أحمد ابن فلان المراكشي أو الدكالي" وعند سفره للغرب يصبح "أحمد ابن فلان الغربي".

ويصبح الأمر أكثر حدة عندما يتعلق الأمر بالمرأة حيث "تمر عبر ثلاث مراحل: فهي ابنة فلان، زوجة فلان وأم فلان"، لكنها كذات غير موجودة، علما أن الاستعمار أدخل ما يسمى بالسجل، هذا السجل المتكامل الذي يحمي هوية الفرد، لكن المرأة ولحد الآن تعاني من التهميش فيما يخص حقوقها، فالقانون شيء وما وضعته الإدارة لترتيب وتمييز الأفراد ومعرفتهم شيء آخر تماما".

وأضاف العروسي في محاضرته، أن الترافع عن الحقوق يجب أن يكون قائما على أساس فردية المواطن، الذي من اللازم أن يكون مطلعا على الحريات الفردية في التصرفات ليعرف من هم شركائه في المرافعة، لأن جزءا كبيرا من المجتمع لا يعرف معاني الحريات الفردية.

ولم يفت العروسي التذكير بذلك الرابط القائم بين الحرية والمسؤولية حيث اعتبر: "بما أننا نطالب بحريتنا على أساس فرديتنا فيجب علينا الاختيار وتحمل مسؤولية هذا الاختيار ليتحول الشخص من فرد أو ذات مفكرة إلى فاعل يملك مصيره وفعله وله قراره الخاص، وله الحرية في تملك جسده".

وبالنسبة لموليم العروسي، فإن الفردية ليست أنانية، حيث عاد في حديثه عن انبثاق النقاش حول الحريات الفردية، إلى الالتباس الحاصل بين "الفرد" و"الفردانية"، حيث ترتبط هذه الأخيرة في تصور الناس بـ"الأمراض الاجتماعية" التي تجعل الفرد على قدر من الأنانية وتعظيمٍ للذات. في حين تشير الفردية إلى تثبيت صفة الفرد، ومن هنا تبدأ المقارنة بين الفردية قبل النهضة الأوربية وبعدها وكذلك علاقتها بالممارسات المجتمعية، التي لا يمكن الجزم بأنها المتسبب في ظهور مفهوم الفردية.

وحول ظهور مفهوم الفرد والفردية، أشار العروسي إلى تاريخ علم الاجتماع الحافل بالتقاطعات مع عدة علوم كالميكانيكا والفضاء والفن أيضا.هذا التقاطع، يقول العروسي، حدث تِباعا ويمكن القول بأنه ساهم في التقدم الأوربي الحاصل حاليا.

ومن جهة أخرى، أكد المتدخل أن الثورات العلمية التي تعرض لها الإنسان جعلته يخرج من التفكير الدائري نحو الفضاء المفتوح الذي تحدث عنه الكاتب ألكسندر كويري في كتابه، du monde clos à l'univers infini، فمسار الكون في هذه الحقبة الزمنية اعْتُبِرَ نسخة من مسار الإنسان حيث: ينشأ، يكبر ثم يموت فيعود إلى السماء، أي أن التفكير كان يصب في مسار مغلق.

وأثناء تحليله لمساهمات الفلاسفة في انبثاق الفرد الحر، عرج العروسي على عدة فلاسفة وفنانين أثروا على مجرى حياة الإنسان كـ "ديكارت"، "جون جاك روسو" و"نيكولا بوسان"، ليَخْلُصَ إلى أن التفاوت الذي يجب الأخذ بعين الاعتبار وجوده هو الاختلاف الفيزيولوجي لا الأخلاقي، مع اعتبار أن المحدد القانوني والحقوقي للإنسان هو الفكر وليس الرابطة الدموية أو الانتماء.