ثقافة وفن

الخلوفي يكتب في ذكرى رحيل فويتح: المعلم الذي لن ننساه

بقلم: عبد السلام الخلوفي الاحد 18 سبتمبر 2022
5B51CC72-45F7-43AE-936E-CDF39FDCF447
5B51CC72-45F7-43AE-936E-CDF39FDCF447

AHDATH.INFO

في الذكرى السادسة والعشرين لرحيل الرائد محمد فويتح واحد من مؤسسي الأغنية المغربية العصرية

محمد فويتح كما عرفته

كان من حظي أن أحظى وسني لم يبلغ العشرين بعد بلقاء الفنان الرائد محمد فويتح بطنجة الخير، ذات مناسبة عائلية مطلع الثمانينيات، كنت لازلت أخطو خطواتي الأولى في مجال الفن، ولازلت أكتشف أسرار الأغنية المغربية العصرية، خاصة وتوجهي الأول كان للموسيقى الأندلسية المغربية، ومن حظي أن ظللت ملازما له إلى حين وفاته سنة 1996.

كان بيت الرجل بمنطقة ماربيل معهدا موسيقيا مفتوحا، فيه تعرفت وثلة من شباب طنجة آنذاك على كبار الموسيقى المغربية: أحمد الطيب لعلج أحمد الشجعي فتح الله المغاري عبدالوهاب الدكالي عبدالهادي بلخياط عبدالحي الصقلي محمد المزكلدي … والعديد من عازفي جوق إذاعة فاس الذين كانوا يقصدون طنجة في فصل الصيف، كما كان مجلسه يضم العديد من المثقفين ككمال الزبدي ومصطفى القصري والدكتور بلعوشي والمحامي القدير الأستاذ الطاهري، لذا فالاستفادة من هذه المجالس كانت كبيرة، في مختلف المجالات: الفنية والثقافية والسياسية.

مجالساتي الكثيرة لهذا الهرم، تعرفت فيها على كثير معطيات تتعلق بالأغنية المغربية في بداياتها الأولى، وحكى لي عديد معطيات ذات صبغة إنسانية وأخرى فنية ترسخت في ذهني إلى اليوم، سأشير لبعض منها:

_ عمل الفنان محمد فويتح في صغره مساعد إسكافي، ومع مصلح الصواني، وفي سن العاشرة اشترى كبش العيد للأسرة.

_ بدايته الفنية كانت في فن الملحون وبالضبط عازفا مع جوق المعلم الكبير التهامي الهاروشي بفاس، الذي اشتغل معه في الأفراح والمناسبات.

_ عندما سافر لفرنسا قرر دراسة قواعد الموسيقى الغربية، سواء في الكتابة الموسيقية وقراءة النوطة أو في الغناء.

_ كان صديقا لأب وردة الجزائرية الذي كان يمتلك مطعما في باريس، وكانت وردة طفلة تعزف الرق، وسي محمد فويتح من الذين شجعوها على الغناء عندما سمعها وهي طفلة، لذلك كانت وردة وفي إحدى سهراتها بالمغرب، طلبا علنا اللقاء بالفنان محمد فويتح.

_ عندما حضر الفنان عمرو الطنطاوي لباريس، وكان قد فقد أغراضه وعوده في القطار الذي حمله من مدريد، إذ عرج الطنطاوي على مدريد لزيارة صديقه العربي بنمبارك لاعب أتليتيكو مدريد، والحكاية سمعتها من الراحلين وموثقة عندي بصوتي محمد فويتح وعمرو الطنطاوي، توسط الراحل محمد فويتح لعمرو الطنطاوي للعمل في مطعم أب وردة عازفا على العود، بعد لقائهما صدفة في مقهى يرتاده المغاربة.

_ التقى الراحل محمد فويتح محمدا عبدالوهاب وغنى له من تلحينه “مبعث السحر” ومن أعمال عبدالوهاب “جبل التوباد”، وبعد أن أثنى الموسيقار على موهبة سي محمد فويتح طلب منه أن يبدع عملا بروح مغربية، فيدأت مرحلة فنية جديدة في أعمال فويتح دشنها بالعمل الوطني”أومالولو” عقب نفي المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه بجزيرة كورسيكا فمدغشقر، حيث جعل الأغنية عبارة عن حوار بين ملك وشعب:

على لسان الملك الراحل:

يا الغادي بي خويا يا الغادي بي سيدي ردني لبلادي

ما سخيتشي بيها وعييت ما نادي

وعلى لسان الشعب:

شكون طبيبي سيدي وشكون طبيبي بابا غيرك يا حبيبي

يعرف ما بي وشنو فقليبي

أبدع محمد فويتح طيلة مسيرته العديد من الروائع: أومالولو ، ملي مشيت سيدي، البركي هواني، الحبيب الحبيب، علاش يا عيوني، هاني يا اللي ناداني، لشقر، حتى حد من غيرك، ما بيني وبينو والو والعديد من الروائع، من آخر أعماله “فين العشران اللي كانوا”، وهذا العمل عبارة عن رسالة وجهها في أواخر حياته لمجموعة من الشخصيات، التي كانت تقيم بيئته الباريسي وتحظى بكرمه، ولم تعد تسأل عنه في كبره ولو هاتفيا، وكنت حاضرا أثناء التحضير لهذا العمل، الذي أبدع في كتابته الراحل فتح الله المغاري، الذي كان من أحب الأصدقاء محمد فويتح، وكان فويتح يسر لي قائلا:”عندما أزور فتح الله ببيته بالرباط، يحرص بنفسه أن يعد لي الفراش الذي سأنام عليه، ولا يمضي للنوم إلا بعد أن يتأكد أن كل شيء على ما يرام”، تقول الأغنية:

فين العشران اللي كانوا

ما بقاو اليوم يتصابو

سولت عليهم ما بانوا

ولا حد رد جوابو

وإذا نساو عشرة ليام

كاين الله إذا غابوا