ثقافة وفن

سعد الدين العثماني .. استعجالية التحرر من التحكم الدعوي

سكينة بنزين الجمعة 07 أبريل 2017
Othmani_00003-504x300
Othmani_00003-504x300

AHDATH.INFO  - بقلم نوفل البعمري

اذا كان مفهوما أن يقوم السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في أول خروج له بزيارة عبد الإله بن كيران الأمين العام العدالة و التنمية؛ و الرئيس السابق للحكومة؛ فإن زياته الثانية التي قام بها لحركة التوحيد و الإصلاح حتى قبل أن يستكمل باقي الوزراء إجراءات تسليم المهام؛ و قبل أن تحوز الحكومة نفسها الثقة من طرف البرلمان المغربي؛ فإنه بهذه الخطوة الغير المفهومة و في توقيت دقيق؛حتى يحصل على تفويض الجناح الدعوي للحزب؛و دعمه في ظل حالة الغليان التي يعرفها الحزب و قواعده فيما اعتبروه تنازلات كبيرة قدمها العثماني لتشكيل حكومته؛ و هي زيارة تعيد طرح سؤال العلاقة بين السياسي و الدعوي داخل هذا الحزب و مدى تأثير و تحكم جناحه الديني/الدعوي بالسياسي/التنظيمي؛ الذي ظهر و من خلال هذه الزيارة أنه هو الماسك بزمام تنظيم الحزب؛ و الضابط لإيقاعه البنيوي؛ و إلا لما سارع رئيس الحكومة لزيارة قيادة الحركة لأخذ مباركتها و مساندتها؛ و هي مبادرة تعيد للواجهة حقيقة الفصل التنظيمي بين الجناحين و القيادتين الذين لطالما ظلا معا يرفعانه-أي الاستقلالية- في وجه كل الأصوات التي تطالب بتدقيق العلاقة بينهما و توضيحها و اخراجها من كل حالات اللبس الذي ظلت تطرحه؛ و تطالب الحزب بجعله خاضع لقانون الأحزاب؛ يتجاوز الحالية التي يمتزج فيها الصوت الدعوي بالسياسي؛ الحزبي.

إنها واقعة تؤكد للمتابع أن العدالة و التنمية خاضع لتحكم الحركة الدينية؛ و لقيادتها؛ و أن الحزب رغم كل ما تم القيام به مازال خاضعا لسيطرة الصوت الحركي داخله؛ و داخل بنيته الحزبية التي لم تتحرر طيلة السنوات الماضية        من قبضة الحركة؛ و على عكس ما كان منتظرا بعد وصول سعد الدين العثماني؛ الذي شخصيا عبرت سابقا عما كنت اعتبره جرأة في طرحه لفكرة الدولة المدنية؛ و كنت حين طرحه لها أطالب بالتقاط إشارته و أطروحته و دعهما لانها قد تكون قاعدة لالتقاء مختلف القوى السياسي المدنية؛ لكن و أمام هذه الزيارة التي قام بها سعد الدين العثماني و هو رئيسا للحكومة لبيت الحركة لأخذ مباركتها؛ تجعل من كل طروحاته حول الدولة المدنية مجرد أفكار تلاشت في أول امتحان حقيقي كانت المناسبة مواتية له للتأكيد على كل الأفكار التي قدمها و بشر بها؛ و في أول محك كان يفترض فيه أن يقوم بتنزيل كل الأفكار التي سبق أن عبر عنها في الموضوع و هو على رأس الحكومة؛لكن يبدو و من خلال خطوته كرس هذا التداخل و تحكم الجناح الدعوي بالحزب؛ و كرس نمط تنظيمي كان ينتظر أن يتم تجاوزه؛ لا  تكريسه و تكريس مباركة الجناح الديني للحكومة؛ و يؤكد سيطرته على بنية و عقلية الحزب و مرجعيته التي تتجاوز المرجعية الاسلامية لتصل لمرجعية الحركة الدينية التي لا تتناسب و تتناقض مع كل الدعاية التي ظلت قيادة الحزب تروجها؛ و هي دعاية كانت تهدف فقط للتغطية على هذا التداخل؛ و تحايلا على قانون الأحزاب و على المشترك بين مختلف المغاربة..

قد يقول قائل أن الزيارة ودية و عادية؛ قد تكون كذلك لو زار سعد الدين العثماني تنظيمات الحزب القطاعية من شبيبة؛ نساء؛ نقابة...لأخذ دعمها؛ لكن أن يخرج في أول زيارة له لأخذ مباركة الجناح الدعوي؛ و الحركة الدينية التي ظلت العديد من أسماءها تطرح علامات استفهام حول علاقاتها بتنظيم الإخوان العالمي؛ هذا الاستفهام و هذه الأسئلة ستنقل و تسقط على رئيس الحكومة و على الحزب مادام اختار أن يزور الحركة في أول خروج له؛ و هو الخروج الذي كان يجب أن يكون للبرلمان لأخذ الثقة منه؛ و في برنامجه الحكومي لا إلى حركة التوحيد و الإصلاح.

لقد ظلت العلاقة بين التنظيمين تطرح اكثر من علامة استفهام؛ و تثير و مازالت عدة أسئلة حول ارتباط الحزبي بالدعوي و ليس الديني فقط؛ بل تطرح سؤال حول مدى تحكم و خضوع الحزب لتوجيهات الحركة بكل ما تحمله من ارتباطات؛  و قوة تأثير هذا التداخل و السيطرة من خلاله على مؤسسة رئيس الحكومة الذي يجب أن يخضع فقط للدستور؛ و للمساءلة أمام الملك و البرلمان و ليس أمام تنظيم دعوي ديني يهم الجماعة المنتمية له؛ و المؤمنة بمشروعه الديني.

للأسف رئيس الحكومة ابتدأ مهمته بخطوة خطأ؛ قد تنعكس على تحركاته و تدبيره للشأن الحكومي و كيفية تصريف مواقف الحكومة أمام قوة الجناح الدعوي و استمرار تحكمه و امتداده التنظيمي داخل بنية الحزب التي قد تمتد لمؤسسة رئاسة الحكومة في ظل تكريس رئيسها لصورة أهمية مباركتها له و لمنصبه؛ و تجعل للأسف كل ما نشره حول

بناء الدولة المدنية مجرد خبر على ورق؛ لا علاقة له بالواقع التنظيمي الذي جعل من المروج لهذه الفكرة يخضع لتحكم الحركة فيه حتى و هو رئيسا للحكومة.