كلمة الأحداث المغربية

توقعات أحوال الطقس!

طه بلحاج الأربعاء 08 مارس 2017
benkirane_meteo
benkirane_meteo

AHDATH.INFO- محمد أبويهدة

تتوقع مديرية الأرصاد الجوية الوطنية، اليوم، أن تتميز الحالة الجوية عامة بارتفاع ملموس في درجات الحرارة.

الخبر لم تتناوله وكالات الأنباء ولا المواقع الإلكترونية التي تخلق من الحبة قبة، ولا الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات الشهرية والفصلية، والمصيبة الكبرى أن صحافيي الفايس بوك أنفسهم أهملوا هذا الخبر المهم، بل الأكثر أهمية، والذي تتوفر فيها مواصفات التحرير والتحليل.

لا أحد اهتم بالشمس التي أطلت من جديد بعد طول غياب، لا أحد انتبه إلى أنها إحدى علامات الساعة.. أقصد الساعة الإضافية، التي ركبت قطار الأحد الأخير من هذا الشهر، والتي ستتحول قريبا إلى مادة دسمة، كونها السبب الحكومي الأول في التأخر عن أوقات العمل وفي تدني مستوى التعليم، وفي ارتفاع أسعار الخبز ليلا، وفي انتشار الفساد!!.

جميعهم انصرفوا إلى الحديث عن البلوكاج الحكومي والسياسي، الذي أصبح شبيها بعسر الهضم، ما أن تملأ بطنك حتى تتحول حمولته إلى عجين متكلس وتتعرض المعدة لبلوكاج حقيقي يمنع امتصاص ما التهمت من طعام دسم.

طوال أسابيع كانت أحوال الطقس هي الخبر الذي يشبه العضة الشهيرة التي تعلمنا نحن أمة الصحافيين المجانين كيف نميز بين الخبر الذي يستحق النشر وغيره من الأخبار.

أمطار الخير وأمطار الشر والأمطار الصفراء والحمراء والفيضانات و«القواديس» المختنقة، وأمواج البحر المتلاطمة التي نجعلها في حجم تسونامي كي نرعب القراء الأغبياء، والرياح القوية والقوية نسبيا والمنخفضات الجوية والسحب العابرة والزوابع الرملية. هكذا، وبعد علم السياسة الذي فتكنا به، أصبحنا خبراء في أحوال الطقس، حتى بلعوشي لم يعد يستطيع أن يتقدم أمام أصغر صحافي ليشرح ويوضح توقعاته اليومية.

الصحافيون «الخونة» تركوا كل هذا بمجرد ما ارتفعت درجات الحرارة قليلا، ونسوا أيام البرد القارس وغيروا قاموسهم اللغوي مستبدلين كلمة «الشوفاج» بـ«البلوكاج»، متجاهلين العزلة القاتلة وتعاطفهم مع سكان القرى النائية في القمم المرتفعة، وتفرغوا لتصريحات أخنوش وأغاروا على ثروته، ثم جعلوا سفر ابن كيران إلى قطر على صدور صفحاتهم، وجعلوا قولته الشهرية التي نازعه عنها الكاتب ادريس الخوري دون أن يسجلها في مكتب الملكية الفكرية، عنوانا لكتاب يتضمن تفاصيل مسلسل البلوكاج، واستفزوا لشكر كي يشهر مدفعيته الثقيلة في رئيس الحكومة المعين الذي اعتبر الاتحاد الاشتراكي خطا أحمر لا يجب الاقتراب منه وخطر محتمل يستوجب الانتباه إليه، حتى أن البعض دعا إلى وضع رمز الوردة مكان علامة المثلث الأحمر على مدونة السير.

لم نعد نتطلع نهاية كل أسبوع إلى المواقع المتخصصة في أحوال الطقس كي نخطط لخروجنا، هل نحمل المظلات أم نستغني عنها، هل نذهب إلى الغابة أم ننزوي في غرفنا، هل نلعب الكرة في الهواء الطلق أو نتبادل النميمة في مقهى الدرب، وعوض ذلك كله، صرنا نبحث عن تصريحات رئيس الحكومة (ياحسرة) وعن صوره وقفشاته وآخر مستجدات المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة في صفحة سائقه على الفايس بوك.

لم تعد هناك معارك تستحق المتابعة، وضع العلمانيون والإسلاميون أسلحتهم، ولم تعد تغريهم المناوشات. واعتكف السلفيون في بيوتهم داخل جلابيبهم إلى أن يمضي هذا القر، ومنهم من انتهز فرصة العطالة لينتقل من المثنى إلى الثلاث والرباع. النقابيون المشهورون بحركيتهم المستمرة، لم تعد تغريهم الاحتجاجات، إذ لا يعرفون ضد من سيحتجون بعد 150 يوما بدون حكومة مسؤولة.

البرلمانيون الذي تسلموا أجرتهم غير منقوصة على امتداد الشهور الماضية رغم أنهم زاروا القبة يومين فقط، سئموا من حالة البطالة التي يعيشونها ويفكرون هذه الأيام في الاحتجاج أمام البرلمان…

لكن لا أحد يسأل هذه الأيام عن أحوال الطقس.. هل سيهيج البحر غدا؟ هل ستمطر؟ هل ستهب الرياح؟

الجميع أيقن أن الشمس قد بزغت وأن أشعتها بددت كل الغيوم السابحة في السماء، باستثناء الغيوم الملبدة فوق سماء حي الليمون.