مجتمع

عبارة "أحب مدرستي" التي أعادت محمد إلى قسمه

أسامة خيي الخميس 20 أكتوبر 2016
ecole-rurale-marocaine
ecole-rurale-marocaine

AHDATH.INFO خاص - بقلم حسن حليم

محمد تلميذ من دوار لعسارة التابع لجماعة دار الشافعي إقليم سطات ، عاش لحظات عصيبة، بعدما قرر أبوه إخراجه من المدرسة لتعويض أخيه الذي التحق بالديار الإيطالية، تاركا أغنام العائلة وحيدة. هذا القرار المفاجئ نزل كالصاعقة على محمد، الذي ترك المدرسة وزملاءه مرغما ، ليصاحب "الكسيبة" إلى المرعى المحادي للدوار.

رغم كل هذا، لم يترك محمد محفظته وكتبه ودفاتره وأقلامه، لازمته أينما حل وارتحل بالخلاء، محاولا الاحتفاظ بالخيط الذي كان يربطه بالدراسة. داوم القراءة والكتابة وسط أغنامه. وهو يرى يوميا أقرانه محملين بمحافظهم، يذهبون إلى المدرسة وكلهم نشاط وحيوية، يستحضر السنين الأربعة الجميلة التي قضاها داخل مركزية الشليحات. تذكر أقرانه ولعبهم وشغبهم الجميل وسط الساحة، والفترات الرائعة التي عاشها برفقتهم داخل المكتبة المتعددة الإختصاصات ، أمام أجهزة الكمبيوتر الصغيرة.

شريط صور وردية ، وقد صارت حلما، يتذكرها محمد السعدوني، حينما يكون برفقة أغنامه. في بعض المرات يلعب دور المعلم، يقرأ بصوت مرتفع بعض النصوص القرائية أمام  النعاج، الأكباش والخرفان والماعز، ينظمهم في صفوف، كما كان يحدث داخل الفصل الدراسي، الذي كان يدرس به. يعاقب البعض منهم، عندما يتهيؤ له أنهم لم يفهموا ولم يستوعبوا الدرس جيدا، كما يطرد أمام استغراب الجميع المشاغبين منهم.

ظل محمد على هذا الحال، وظل مقعده بالمستوى الخامس شاغرا، تاركا عدة تساؤلات واستفسارات لذى أستاذيه والتلاميذ والإدارة.

هناك في المرعى، وفي فترة من الفترات، أخذ محمد ورقة بيضاء، وقلما، بعدما انتابه شعور بالغربة والوحدة والغبن والإشتياق إلى الفصل، كتب بخط واضح عبارة "أحب مدرستي" وهو يدرف دموعا انسلت من عينيه الصغيرتين.

كانت لحظات جد مؤلمة ومؤثرة ، أثارت انتباه أحد ساكنة دوار لعسارة الذي كان مارا من هناك. طلب منه مناولته الورقة، ليكتشف أن محمد دون هذه العبارة القوية في حمولتها، التقطها بمرارة وحزن شديدين، قبل أن يقرر الذهاب إلى بينت عائلته، ويخبر الأب بما حدث.

شعر والد محمد أخيرا بالجريمة التي اقترفها، وتوجه فورا نحو ابنه الموجود بالمرعى، على بعد أمتار من دوار لعسارة، و أمره بإدخال الأغنام إلى الحضيرة.

تفاجأ التلميذ بهذا القرار، وحاول استفسار أبيه الذي كان جد متأثرا بدون جدوى، لكن داخل قرارة دواخله، شعر بفرح كبير، وهو يجد نفسه أمام المدرسة ، رفقة أبيه الذي طلب من الأطر التربوية إرجاع ابنه، بعدما حكى لهم القصة التي كانت سببا في رجوع محمد إلى فصله أخيرا.

قبل أن يذهب الأب إلى بيته ، قال للأساتذةّ "ماعندي مندير بهاد الشقوفة، نبيعهم.. ومنخليش ولدي بلا قراية".