السياسة

التمويل العمومي للحملات الانتخابية.. ضوابط والتزامات لترشيد الانفاق

أسامة خيي السبت 01 أكتوبر 2016
elections-marocaines
elections-marocaines

AHDATH.INFO و م ع

إذا كان المشرع قد أقر بحق التمويل العمومي لفائدة مختلف التنظيمات السياسية المشاركة في الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية، دعما لأنشطتها ومساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها الإداري، فإنه بالمقابل أخضع هذه الهيئات والأحزاب لعدة ضوابط والتزامات ترشيدا لنفقات الدعم المالي للدولة وتعزيزا لحكامة تسييرها، لاسيما في سياق المبدأ الدستوري الذي يقضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.

وحري بالبيان، أن الفصل 147 من الدستور، شدد على أن المجلس الأعلى للحسابات هو من يتولى تدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية، فيما يحدد القانون التنظيمي رقم 29.11 المؤرخ في 22 أكتوبر 2011 المتعلق بالأحزاب السياسية، كما وقع تغييره وتتميمه، مهمة تفصيل وتدقيق معايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكذا كيفيات مراقبة تمويلها.

فبمقتضى القانون التنظيمي السالف الذكر ، تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بتوجيه بيان بالمبالغ التي منحت لكل حزب سياسي إلى المجلس الأعلى للحسابات. كما ينص القانون على جملة من المبادئ الملزمة والتي تندرج في سياق تعزيز الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة لمختلف التنظيمات السياسية، وذلك حفاظا على المال العام.

فلا يجوز مثلا للحزب أن يتلقى أي دعم مالي مباشر أو غير مباشر من الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية أو كل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام. علاوة على ذلك، يجب أن تؤسس الأحزاب السياسية وأن تسير بأموال وطنية، و لا يجوز لها أن تتلقى أموالا أجنبية بصفة مباشرة أو غير مباشرة.

واستحضارا لمضامين المرسوم رقم 2.16.667 الصادر في 10 غشت 2016، فإن الأحزاب السياسية أصبحت، ارتباطا بتمويل عملياتها الانتخابية، تخضع لرقابة صارمة للتأكد من كون الإعانات التي تحصل عليها بمناسبة الاستحقاقات التشريعية في المجالات التي حددها المشرع بدقة.

فقد حدد المرسوم السالف الذكر الغايات التي ينبغي أن تستعمل فيها المبالغ المسلمة إلى الأحزاب السياسية برسم مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها بمناسبة اقتراع 7 أكتوبر 2016، من أجل المساهمة في تمويل حملتها الانتخابية، مقابل إدلائها بالوثائق التي تثبت استعمالها هذا الدعم للغايات التي منح من أجلها. كما يقضي القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، بأن كل استخدام كلي أو جزئي للتمويل العمومي الممنوح من طرف الدولة لأغراض غير تلك التي رصد من أجلها يعد اختلاسا للمال العام يعاقب عليه بهذه الصفة طبقا للقانون.

كما يتولى المجلس الأعلى للحسابات فحص مستندات الإثبات المتعلقة بصرف المبالغ التي تسلمها كل حزب برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاته الانتخابية. وإذا تبين للمجلس بأن المستندات المدلى بها لا تبرر، جزئيا أو كليا، استعمال المبلغ الممنوح، طبقا للغايات التي منح من أجلها، ولم يتخذ الإجراءات اللازمة لتدارك ذلك، فإن هذا الحزب يفقد، بحكم القانون وبكيفية فورية، حقه في الاستفادة من التمويل العمومي إلى حين تسوية وضعيته تجاه الخزينة، وذلك دون الإخلال باتخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القوانين الجاري بها العمل.

ومما ينبغي الإشارة إليه هو أن الفوز بمقعد بمجلس النواب لا يعفي صاحبه من الوفاء بالتزاماته الناتجة عن مشاركته في الاستحقاقات التشريعية، ولا يضفي عليه حصانة تمنعه من المساءلة والمتابعة. وتأسيسا عليه، وتطبيقا للمقتضيات القانونية ذات الصلة، يجرد من العضوية في مجلس النواب كل نائب تخلف عن إيداع جرد مصاريفه الانتخابية داخل الأجل المحدد قانونا أو لم يرفق الجرد المذكور بالوثائق المثبتة للمصاريف السالفة الذكر ولم يستجب للإعذار الموجه إليه في شأنهما من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات.

كما يطبق نفس الحكم على كل نائب تجاوز السقف المحدد للمصاريف الانتخابية أو لم يبين مصادر تمويل حملته الانتخابية أو لم يقم بتبرير المصاريف المذكورة. في كل هذه الحالات، يحيل الرئيس الأول للمجلس الأمر إلى المحكمة الدستورية لإعلان تجريد النائب المعني من عضوية مجلس النواب.

يستفاد مما سبق، أن المشرع، وعيا منه بأهمية دور الأحزاب السياسية في تأطير المواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في تدبير الشأن العام، قد وضع تحت تصرف الأحزاب والتنظيمات السياسية العديد من الإمكانيات ومتعها بامتيازات تيسيرا لها في أداء الأدوار المنوطة بها، إلا أنه حرص في نفس الآن على تشديد الرقابة على أوجه تدبيرها الإداري والمالي، وتدقيق معايير تخويله هذا الدعم.