أحداث. أنفو تنفرد بنشر وثيقة فرنسية عن حرب الريف تكشف اعتراف القوى الاستعمارية باقتطاع أراض ‘‘مغربية‘‘ في واد الذهب والساقية الحمراء

أحداث.أنفو - أحمد الدافري الجمعة 08 مارس 2024

ينفرد موقع أحداث. أنفو بنشر وثيقة تاريخية فرنسية عن المقاوم محمد عبد الكريم الخطابي وعن الريف المغربي وعن الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية، تكشف كواليس اتفاق القوى الاستعمارية (فرنسا / اسبانيا / بريطانيا وايطاليا) على تقسيم دول شمال افريقيا فيما بينها، وتؤشر فيما يخص الحالة المغربية، على اعتراف تام وواضح في تسمية الأراضي التي يتم اجتزاؤها من المملكة الشريفة فيما بين فرنسا واسبانيا، بأنها أراضٍ مغربية، خصوصا في الصحراء، امتدادا من سيدي افني شمالا إلى ماوارء واد الذهب جنوبا.

وتحمل الوثيقة التاريخية التي توضح كواليس التكالب الاستعماري على المملكة الشريفة (المغرب) في مؤلف المؤرخ الفرنسي بيير فونطين Pierre Fontaine الذي كان واحدا من أهم الكتاب الباحثين ضمن هيأة تحرير مجلة Defense de l'occident الفرنسية (دفاع الغرب) التي كانت أعدادها تصدر في الفترة ما بين 1952 و 1982، والتي كانت ذات توجه يميني متطرف.
و أصدر هذا المؤرخ الفرنسي كتابا عنوانه بالفرنسية : Abd El Krim Origine de la rebellion nord -africaine
وهو ما تجوز ترجمته ب "عبد الكريم - أصل التمرد في شمال إفريقيا"، وهو كتاب صدر سنة 1958 عن دار نشر Les sept couleurs بباريس. وكما يلاحظ من عنوان الكتاب أن المؤرخ يصف المقاوم عبد الكريم، الذي هو محمد عبد الكريم الخطابي، بأنه هو الأصل في التمرد الذي ظهر في شمال إفريقيا ضد القوات الاستعمارية الأوروبية، في القرن العشرين، بينما كان ينبغي وصفه بأنه ليس أصل التمرد، بل أصل الثورات التحررية.

وتمهيدا للحديث عن الثورة التي قادها المقاوم محمد عبد الكريم الخطابي في الريف ضد إسبانيا، جاء الفصل الأول من الكتاب في الصفحة 13 تحت عنوان :"أصل العداء والأعمال العدائية الإسبانية الريفية". في هذا الفصل الأول كتب المؤرخ الفرنسي بيير لافونطين الذي توفي يوم 21 ماي 1969 مايلي : "لقد كُتب بأن الريف كان هو قبر المملكة الإسبانية‘‘ و هذا صحيح. لم يكن الملك ألفونس الثالث عشر قط قادرا على النهوض من الخسائر التي تكبدتها جيوشه من عبد الكريم، رغم مساعدة فرنسا له سنة 1926.

إن الضربات الريفية، بزعزعتها لعرش خلَف شارلكان ( المقصود هنا الإمبراطور شارل الخامس)، جعلته في منتهى الهشاشة إلى حد أنه أصبح تحت رحمة عدد من المغامرات الداخلية بعد بضع سنوات.

مدريد، تارة تحت تأثير برلين، وتارة أخرى تحت تأثير لندن، لم تسهل دائما المهمة على فرنسا في المغرب. فهي لم تفهم قط بأن المستقبل الاستعماري للبلدين الأوروبيين (المقصود هنا فرنسا وبريطانيا) كان مرتبطا بشكل غير منفصل داخل الإمبراطورية الشريفة (المقصود هنا دولة المغرب).

إن الاتفاق الفرنسي البريطاني بخصوص المغرب لم يكن يتوقع مشاركين إسبانيين. لكن إسبانيا طالبت بجزء من الأراضي المغربية، بحجة أنها كانت سابقا تملك مراكز تجارية في الساحل الريفي. من أجل تجنب مضاعفات دولية، اضطرت فرنسا أن تُرضي مطالب كل الأطراف. ففرنسا، مقابل منحها حرية التصرف في المغرب، تنازلت عن حقوقها في مصر. حكومة روما حصلت على ضمانات من باريس بألا تعارض استقرار إيطاليا في طرابلس التركية المجاورة لتونس. أما إسبانيا فقد حصلت على الريف، ووادي الذهب، وإيفني، في المغرب".

في هذا الجزء من الكتاب نلاحظ أن النعت الذي استعمله المؤرخ الفرنسي لهذه المناطق هي : مغربية. أي أنها مناطق مغربية. وكتب بالفرنسية :
L'Espagne reçut le Riff, le Rio de Oro et l'Ifni marocains.
إذن ثلاث مناطق مغربية اتفقت فرنسا وإسبانيا على أن يتم اقتطاعها من الإمبراطورية الشريفة (الدولة المغربية) وتصبح ممتلكات إسبانية، مقابل ترك حرية التصرف لفرنسا في باقي مناطق المغرب. لذلك، فإن اعتراف إسبانيا بأن مناطق الصحراء من إيفني إلى وادي الذهب هي مناطق مغربية، هو الأهم. أما فرنسا، فهي معترفة أصلا بأن هذه المناطق هي مناطق مغربية من خلال مؤرخيها، ومنهم مؤلف هذا الكتاب.