سفير الإمارات في المغرب يبرز جهود الدولة في مواجهة التحديات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة

بقلم: سعادة العصري سعيد أحمد الظاهري (سفير الإمارات في المغرب) الأربعاء 08 مارس 2023
No Image

تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة الدورة الـ 28 لمؤتمر الأطراف التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي تشكل فرصة للتوافق حول رؤية دولية موحدة لإيجاد الحلول المبتكرة لأزمة الأخطار المناخية. ويعد استضافة هذا الحدث الأممي تثمينا لجهود الدولة ونجاعة سياساتها المناخية المتبعة على المستوى الوطني، حيث أصبحت نموذجا بيئيا يُحتذَى به في الاستجابة للإشكالات الصعبة للتحديات المناخية، وتحسين المقومات الإيكولوجية باعتبارها أساسا متينا من أسس التنمية المستدامة والتحول المناخي العالمي المنشود، بهذا التتويج العالمي تكون دولة الإمارات قد دخلت مرحلة جديدة في مسيرة التنمية المستدامة وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة.

ولطالما أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها بوضع أهداف التنمية المستدامة في صميم رؤيتها وطموحاتها المستقبلية، وجعلها ركنا محوريا في أجندتها حتى عام 2030. وتجسيدا لهذه الطموحات على أرض الواقع، تم تشكيل اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة في عام 2017، وتضم عدة شركاء من قطاعات مختلفة لتنفيذ الاستراتيجية الإماراتية للنهوض بالبيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 على الصعيد الوطني، كما تم إطلاق الخطة الوطنية للتغير المناخي لأعوام 2017-2050 التي تمثل خارطة طريق لدعم الأنشطة والمبادرات الوطنية الرامية إلى الاستجابة للتحديات المناخية، مع مواصلة الجهود الحثيثة لدعم العمل المناخي على المستوى الدولي.

وانطلاقا من هذه المبادئ الثابتة، فقد قطعت دولة الإمارات العربية المتحدة شوطًا طويلًا في تعزيز دورها الريادي في العالم بإطلاق العديد من المبادرات الهادفة لحماية النظم البيئية والحد من الانبعاثات الدفيئةوتحسين مؤشرات التنمية المستدامة. وفي إطار مسار طويل من الجهود الحثيثة، يأتي تنظيم أسبوع أبوظبيللاستدامة، " تحت شعار "معا لتعزيز العمل المناخي" في دورته الخامسة عشرة لمواصلة العمل المناخي في هذه المرحلة التي تسبق انعقاد مؤتمر المناخ "COP28" الذي تستضيفه الدولة في أواخر العام الحالي في مدينة دبي.

وتعد أهداف التنمية المستدامة بمثابة أجندة عمل واسعة النطاق على مستوى دول العالم، وتتطلب تعاونا وثيقا بين القطاعين العام والخاص، بما في ذلك المجتمع بأكمله لتطوير وتنفيذ الاستراتيجيات التي تعزز جودة الحياة في نهج مستدام. كما توفر أهداف محددة لكافة الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لتضمينها في خطط عملها الوطنية، مع التركيز على التحديات البيئية التي يواجهها العالم.

وفي إطار تشجيع الممارسات العالمية الصديقة للبيئة، تم خلال فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة تكريم 10 فائزين بجائزة زايد للاستدامة من 5 قارات، تقديراً لإنجازاتهم وجهودهم في تطوير ابتكارات مستدامة قابلة للتطبيق على نطاق واسع. ومنذ تأسيسها في عام 2008، تطورت الجائزة من مبادرة طموحة تقودها القيادة الرشيدة سعيا نحو تشجيع التعاون العالمي لتطوير حلول الطاقة المتجددة، إلى واحدة من أبرز الجوائز العالمية التي تساهم في إحداث تأثير إيجابي مستدام في حياة الشعوب.

وقد أعلنت القيادة الرشيدة تسمية العام 2023 ب"عام الاستدامة" تحت شعار "اليوم للغد" وذلك لمواكبةاستضافة (كوب 28). ويهدف الإعلان عن عام الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى خلق انخراط أكبر في التوعية بأهداف التنمية المستدامة، وجعلها قاطرةنحو تبني سياسات مجتمعية تشجع على الالتزام الكامل بقضايا البيئة، وتعزيز دور المجتمع في تبني هذه الاستراتيجيات لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

وفي نفس السياق فقد تمت دعوة أفراد المجتمع ومؤسساته إلى التفاعل والتعبئة مع مبادرات وأنشطة "عام الاستدامة" لتحقيق الأهداف المرجوة منها.وبالأخص بذل مزيد من الجهد لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وما ينجم عنه من أثار سلبية علىالتنوع البيولوجي والأمن الغذائي والمياه الصالحة للشرب. والسير قدما لتحقيق تحول مناخي نحو مصادر طاقة متجددة في توفير الفرص الاقتصادية المستدامة، وتنفيذ مبادرتها الاستراتيجية الرائدة على المستويين الوطني والإقليمي والعالمي لتحقيق الحياد المناخي 2050.

لقد كانت القمة المناخية الثانية والعشرون في عام 2016 التي استضافتها المملكة المغربية الشقيقة محطة تاريخية بارزة في مسار تجديد التزام الدول الأطراف بالتدابير البيئية للحد من الأخطار المناخية المحدقة باستدامة الحياة البشرية على الكوكب، وهي المحطة التي استعرض فيها المغرب مجموعة من الإنجازات المحققة والمبادرات الصديقة للبيئة التي يعتمدها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لفائدة العمل المناخي. ونقف اليوم على التقدم الملموس الذي أحرزه في مجال التحول الطاقي والطاقات المتجددة، وكذلك استعادة وتكييف طموحاته في مجال العمل المناخي لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، وذلك في إطار تنفيذ مساهماته المحددة وطنياً، والتي تتكون من 55 تدبيرًا لتحقيق الهدف المحدد مسبقًا والمتمثل في تقليص انبعاثات الملوثة للبيئة في أفق 2030.

إن نجاح أي إرادة دولية موحدة لمواكبة التحديات المناخية يتطلب بذل مزيد من العطاء والتقدم عبر تكثيف المبادرات الإنسانية والاجتماعية الهادفة لبلورة تصورات ناجعة لمواجهة التحديات التي تحيط بنا، والسعي لإيجاد الحلول لدعم النظم البيئية أو الاستفادة من قدرات الطبيعة على إعادة إصلاح ذاتها، وهذا لن يتأتى إلا عبر منهجيات جديدة عمادها الابتكار والبحث العلمي ومد جسور التعاون بين جميع البلدان بهدف خلق بيئة مناسبة للعمل الإنساني الذي ينهل من المبادئ التي تدعو للحفاظ على البيئة. فقد أصبحت التحديات التي تحيط بالبشريةتفرض علينا كدول وتكتلات إقليمية أن نجعل من محطة "كوب 28" فرصة لتوحيد الجهود المبذولة والعمل على معالجة التأثيرات السلبية التي تتركها هذه الأفعال الضارة بمحيطنا البيئي. وهو ما تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تحقيقه من استضافة قمة المناخ القادمة وبلورة رؤية واضحة بين الأطراف الدولية لإيجاد حلول مبتكرة وتنفيذ التزاماتها لتلافي المشاكل المناخية في المستقبل بهدف استدامة بيئية تضمن للأجيال القادمة حقها من الموارد التي تضمن لها البقاء.