قرار البرلمان الأوروبي.. أية مشروعية ؟

حكيم عارف الجمعة 20 يناير 2023
No Image

AHDATH.INFO

يقلم حكيم عارف

لم نكد نعبر زوبعة الفنجان التي أثارها الحفيد ‘‘الصغير‘‘لمانديلا في افتتاح شان الجزائر، حتى فاجئنا البرلمان الأوروبي بقراره الأخير، والذي يمكن تلخيص محتواه في اتهام المملكة بقمع حرية التعبير، وأننا على غرار جمهوريات ‘‘الموز‘‘ نمارس التسلط ضد كل الأقلام التي تجهر بصوت الحرية. لكننا بالمقابل نتساءل : أية مشروعية يمتلكها قرار البرلمان الأوروبي ؟ ثم ما ثقل البرلمان في عملية صناعة القرار داخل الاتحاد الأوروبي ؟


في كل الأحوال علينا أن نطمئن فالسماء قطعا لن تقع على رؤوسنا بعد هذا القرار لثلاثة أسباب. أولا المملكة المغربية دولة ذات سيادة ومؤسساتها غير معنية بتقديم التقارير إلا لمواطنيها، وهو أمر عادي وطبيعي ولا يعني البتة أن المغرب لا يتسمع لشركائه. ثانيا الأمر يتعلق بالبرلمان الأوروبي، الذي لا يعادل ثقل المؤسسات الأساسية كالمجلس الأوروبي أو مجلس الاتحاد، و على درجة أعلى المفوضية الأوروبية. البرلمان الأوروبي ومن أجل خطيئة الولادة، ظلت قراراته لا تشكل أي وزن مقابل قرارات باقي مؤسسات صناعة القرار الأوروبي. وهنا لا بد من استعارة كلمات المؤرخ الأوروبي سيلفان كاهن الذي وصف البرلمان الأوروبي ب‘‘الشيء الديمقراطي غير المعرف‘‘ (نسبة للأطباق الطائرة غير المعرفة أو المصنفة في تعريف أفلام الخيال العلمي) خلال الموضوع التي كتبه في مجلة التاريخ عدد ماي – غشت 2009.

ثالثا، نحن أمام قرار يدخل في خانة ‘‘غير الملزم‘‘ لأنه قوانين الاتحاد الأوروبي، حيث المعايير تخضع لتراتبية صارمة، لا تترك أية هامش للمناورة أو الأثر لقرارات البرلمان الأوروبي لانها تصنف ضمن البنود غير الملزمة. النقاش حول قرارات البرلمان الأوروبي يعطي الانطباع بأن هذه المرفق السياسي يشتغل، وأنه يساهم بشكل حيوي في فتح قنوات النقاش السياسي حول القضايا التي تلامس المواطن الأوروبي لا أقل ولا أكثر، ككيفية تزوده بالغاز والكهرباء في أزمنة الشتاء الحالي، أو التضخم الذي يلقي بثقله على قدرته الشرائية وصعوبة الاندماج في سوق الشغل، أو مناقشة أسباب تراجع دور أوروبا في العالم. والأجدى للبرلمان الأوروبي أن يفتح النقاش حول تخوف الأوروبيين من الفساد الذي يسمح لبعض نواب البرلمان الأوروبي بالاحتفاظ بملايين الأوروهات بطرف ملتبسة إلى غاية نهاية ولاياتهم.

أما فيما يتعلق بخرق حرية الصحافة في المغرب، الأمور هنا تبدو واضحة للغاية. في كل القضايا التي عرضت وصدرت فيها الأحكام لم يكن هناك أي حكم يتعرض لجريمة النشر أو الرأي، والكل يعلم أن الصحافيين المتابعين فيها أدينوا بتهم أخرى تدخل في خانة ‘‘الجنائي‘‘ بتهم جنسية واضحة بشكل لا يسمح في المغرب بالدوس على حقوق الضحايا. في هذا الأطار، يصبح مفروضا على النواب الأوروبيين تقديم أدلة براءة الصحافيين المدانين في قضايا جنائية. وبما أنهم غير قادرين على ذلك ويفضلون، عوضا عن هذا الاجتهاد، ترديد إفيهات صوتية فقط، يحق لنا أن نتجاهل كل هذا اللغط الفارغ.