تصويت البرلمان الأوروبي غير ملزم ولايجب التهويل من شأنه

حنان رحاب الخميس 19 يناير 2023
No Image

AHDATH.INFO

من البديهي رفض كل تدخل في شؤوننا الداخلية، فهذا أمر لا يحتاج للتكرار في كل مناسبة. كما أن توظيف قضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان، توظيفا خارجيا هو أمر مشين ومرفوض بشكل قاطع، لاسيما عندما يتم استغلال ذلك من أجل ابتزاز بلدنا أو الإضرار بمصالحه الخارجية.

لكن ما يجب التأكيد عليه بخصوص تصويت البرلمان الأوروبي على توصية بإدانة المغرب فيما يتعلق بحرية الصحافة، هو أنه لا ينبغي التهويل من هذه النتيجة، لأسباب متعددة، وأولها أنه تصويت لن يستتبعه أي قرار يضر بمصالح المغرب مع الاتحاد الأوروبي نفسه، باعتبار أن علاقات المغرب بهذا التجمع الإقليمي محددة باتفاقيات واضحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والفلاحية وغيرها، ولا يحق لأي طرف التنصل منها، ومنها الاتفاقية التي منحت المغرب وضع الشريك المتقدم.

وقد سبق لوزير الخارجية ناصر بوريطة وجوزيب بوريل ممثل السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن أكدا أن المغرب والاتحاد الأوروبي حريصان على استدامة التعاون الثنائي وتطويره، وأن من مصلحة الاتحاد الأوروبي الحفاظ على علاقاته المتميزة بالشريك المغربي.

ثم إن القرارات الحقيقية للاتحاد الأوروبي تصدر عن المفوضية الأوروبية التي هي بمثابة الصندوق الأسود لهذا الكيان، وهي الجهاز التنفيذي الحقيقي، بل أكثر من ذلك، هي بمثابة "الدولة العميقة" وهي المحاور للدولة المغربية، وهي التي لها التزامات متبادلة مع الدولة المغربية أو أي دولة أخرى.

أما البرلمان الأوروبي فهو يعكس مواقف الفرق المختلفة، والتي هي مواقف متقلبة بحسب السياقات: قوة اللوبيات، قرب الانتخابات سواء المحلية أو الأوروبية، واليوم يوجد سياق أوروبي مرتبط بالتسريبات المخدومة المتعلقة بادعاءات الرشاوي، وبالتالي فقد استغل خصوم المغرب الظرفية، لطرح هذه التوصية، مستغلين خوف البرلمانيين من أي اتهام مشابه خصوصا مع اقتراب الانتخابات في أكثر من بلد أوروبي.

والدليل أنه منذ أكثر من 25 سنة لم تتم إدانة المغرب في أي ملف حقوقي بالبرلمان الأوروبي، بل أكثر من ذلك لم يخضع لأي تصويت بهذا الشأن، وكانت إشادات متكررة سواء من طرف البرلمان الأوروبي أو المفوضية الأوروبية، وبالتالي لا يمكن فهم ما يقع اليوم سوى في علاقة بالتحرشات الصحافية والقضائية التي ما فتئ يتعرض لها المغرب منذ ثلاث سنوات، وقد فشل من يقفون خلف هذه التحرشات في تقديم أي دليل على ادعاءاتهم ، سواء ما تعلق ببرمجية بيغاسوس أو ممارسة التعذيب أو وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالصحراء المغربية.

على أنه يجب أن نطرح سؤالا عن دور الدبلوماسية الموازية، وعن دور الجمعيات الحقوقية والمدنية الوطنية، وعن دور الصحافة وخصوصا الإعلام الحقوقي، وحتى بعض المقاولات الخاصة التي تتلقى دعما من المال العام في الترافع من أجل صورة البلد خارجيا.

ففي الوقت الذي تقوم به الدبلوماسية الرسمية بتوجيهات من جلالة الملك بمجهودات خارقة، تشهد عليها الانتصارات الدبلوماسية في المنتظم الدولي وفي العلاقات الرسمية بين الدول لصالح القضية الوطنية ومصالح المغرب وتموقعه الإفريقي كقوة يحسب لها ألف حساب، وفي الوقت الذي تقوم المؤسسات الأمنية والعسكرية ومصالحهما الاستخباراتية بمجهودات معترف بها داخليا وإقليميا ودوليا لتأمين مصالح المغرب.

في هذا الوقت لا زال الضعف موجودا في المنتديات المدنية والشعبية والتمثيلية في الخارج، وهذا الأمر أصبح غير مقبول بالمرة، وكأن لسان حال الأحزاب والجمعيات وبعض الإعلام يقول للدولة ودبلوماسيتها ومؤسساتها: اذهبوا، وقاتلوا، إنا هنا متفرجون.

بل إن بعض وسائل الإعلام الوطنية التي اشتغلت على التصدي لخصوم المغرب كانت في أحيان كثيرة تبدو وكأنها تواجه وحيدة قوى إعلامية خارجية متعددة، بل إن بعض الشخصيات الإعلامية الوطنية التي كانت توظف علاقاتها الشخصية مع وسائل إعلام دولية للدفاع عن المغرب وحقوقه ومصالحه، كانت تتعرض للتشهير والقذف دون حتى وجود مساندة وحماية. بل كان فاعلون إعلاميون آخرون يكتفون بدور المتفرج.