السياسة

الشرعي يرد على يتيم: بعيدا عن «الأحداث المتفرقة»

أسامة خيي الأربعاء 29 يونيو 2016
CHARAI
CHARAI

AHDATH.INFO- بقلم: أحمد الشرعي

رد السيد يتيم على افتتاحيتي المتعلقة باحترام المؤسسات تستدعي ملاحظتين أساسيتين. أولهما الطبيعة «الهادئة» و«المحترمة» للرد هو ما نحتاجه في النقاشات الديمقراطية، وما نتمناه في أن يترسخ كقاعدة للحوار في الفضاء العمومي المغربي. وثانيهما تعود إلى كون وجهة النظر التي عبرت عنها في الافتتاحية هي وجهة نظر مواطن مغربي... لا تلزم أحدا غيره.

في العمق هناك دائما نقاش، ورد السيد يتيم يصبح إشكاليا بدوره، لأنه يحاول البرهنة على اقتران الوضع الحالي بالماضي السياسي للمغرب، ويومئ إلى أن خرجة عبد الإله بن كيران والبقالي تندرج مباشرة ضمن ما يعرف بمواجهة الأحزاب الإدارية أو من كان يطلق عليهم عبد الرحمان اليوسفي «جيوب مقاومة التغيير».

أنه فهم تبسيطي مقلق ينبني على نكران تام للأسس التي وضع عليها البناء الديمقراطي في المغرب. منذ 2002 لم يقع تزوير في الانتخابات أو نتائج صناديق الاقتراع. مشكل استعمال المال في الاستحقاقات الانتخابية مستمر، لكن هنا أيضا علينا  التحلي بالحد الأدنى من النزاهة. العدالة ألغت فوز 15 نائبا مستشارا من أصل 120. هذا يعني أن العدالة تسير على قدم وساق وبصورة عادية عندما تتوفر الأدلة ، وأنه لا توجد أية نوايا لغض الطرف على السلوكات الارتشائية. بالمقابل يبدو أن تساهل المجتمع مع ظاهرة الرشوة أوضح، وهو ما يسائلنا جميعا و دون استثناء.

السيد يتيم يعتقد أنهه يجب حل حزب الأصالة والمعاصرة. للتذكير، سنة 2003 العاهل المغربي اعترض على كل  الأصوات التي ارتفعت مطالبة بحل حزب العدالة والتنمية، وهي حقيقة لا ينكرها بنكيران نفسه. والجزم بضرورة حل هذا الحزب كما يطالب بذلك بعض قيادييي "البيجيدي"، رؤية غير ديمقراطية على الإطلاق.

وبعيدا عن هاتين النقطتين، ترتكز أيضا حجة السيد يتيم على اعتبار ما جاء في رده «حقائق ثابتة» أسس عليها تحليلاته حول زيارة إلياس العمري للصين وتحويل المشروع الصيني العملاق من آسفي لمدينة طنجة. وهنا تكمن الزلة الكبيرة. رئيس الحكومة لا يسعه الاختباء وراء يافطة ‘‘ وجدة قوة غامضة داخل الدولة ‘‘ في وقت يبدو فيه الدستور المغربي واضحا بما فيه الكفاية لدحض هذا الادعاء. إنه الوحيد ، والوحيد فقط، الذي يسير السياسة العامة للبلاد وهي صفة يمنحها له القانون الأساسي للبلاد. و لو امتلك رئيس الحكومة شجاعة ممارسة حقوقه على الوجه الأكمل، لأصبح هذا النقاش غير وارد في المجمل.

صحيح أن تشكل دوائر مقاومة الإصلاح لا يمكن التشكيك فيه وهذا أمر طبيعي، لأن من «يعتاشون» من الريع والرابحون من تجاوز القانون يصعب عليهم الانخراط في التغيير.

غير أنني متمسك برأي، وأحسن وسيلة للسير قدما هو ترسيخ ثقافة احترام المؤسسات، كما ينص عليها الدستور. الملكية لا يسعها أن تلعب أي دور في العملية الانتخابية. كما أنها لا يمكن أن تصبح ملاذا لتبرير التجاوزات كيفما كانت.

للأسف، حين نتحدث عن دولتين داخل الدولة، أو أن حين نشبه حالة البلاد اليوم الحال اليوم بمغرب ما بعد الاستقلال وما اعتمل فيه من صراع سياسي حول «المشروعية» نزج بالبلاد في منزلق خطير.

احترام المؤسسات يعني أيضا أن يضطلع رئيس الحكومة بكل مهامه كما يخولها له القانون. كما يمكنه، في حال عدم القدرة على ممارسة هذا الحق، «إشهاد» الشعب المغربي قاطبة. لكن ما لا يسعه أن يفعل، البتة، هو الاختباء وراء يافطة «القوى الغامضة» المفترضة لتبرير فشله المتكرر.

دستوريا، كل أعضاء الحكومة تابعون للرئيس وهو المسؤول سياسيا عن كل ما يصدر عنهم.

أخيرا، يمكن لهذا النقاش أن يصبح مفيدا للغاية، لو تمت مواصلته بطريقة هادئة وشفافة، من أجل تقييم بنائنا الديمقراطي، والوقوف على هفوات وأخطاء كل المتدخلين، والطبقة السياسية في المقام الأول، وتحديد أهداف المرحلة المقبلة.

من أجل ذلك، لا بد من تثمين المكتسبات وليس نكران وجودها من الأصل. لا سبيل للمقارنة بين مغرب اليوم ومغرب السبعينيات وفترة إنشاء الأحزاب الإدارية. إنكار هذه الحقيقية تأسيس لعدمية مطلقة. الالتزام بالمؤسسات واحترامها هو الوسيلة الأنجع لترسيخ الديمقراطية.