مجتمع

بعد اعتقال أربعة مشتبه بهم: أمن مراكش يواصل البحث عن باقي المتورطين في المواجهات الطلابية

مجيدة أبوالخيرات الاثنين 25 يناير 2016
بعد اعتقال أربعة مشتبه بهم: أمن مراكش يواصل البحث عن باقي المتورطين في المواجهات الطلابية
PP Marrakech 1

AHDATH.INFO - مراكش - خاص

إلى غاية مساء أمس الأحد، تمكنت المصالح الأمنية بمراكش من اعتقال أربعة مشتبه في تورطهم في استباحة دماء زملائهم بالحرم الجامعي لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، فيما البحث لازال جاريا لتحديد مكان وجود باقي المتهمين.

فبالرغم من تحديد هوية بعض المشتبه بهم والتأكد من ارتباطهم المباشر بالهجوم الغادر الذي  عرض خمسة طلبة من الفصيل الأمازيغي لإصابات وجروح متفاوتة، استدعت نقلهم جميعا صوب أسرة مستشفى ابن طفيل، حيث تبينت خطورة الوضع الصحي للضحية عمر خالقي المجاز بشعبة التاريخ برسم السنة الجامعية المنصرمة، وبالرغم من حالة الاستنفار القصوى التي دشنتها المصالح الأمنية بالمدينة مباشرة بعد الاعتداء، فإن باقي المشتبه بهم لازالوا خارج تغطية التوقيف والاعتقال، ولازالوا في منأى عن قبضة العدالة.

المعلومات المتوفرة تؤكد بأن التحريات الأولية قد انتهت إلى تحديد هوية بعض هؤلاء، وضمنهم أشخاص قدموا من مدينة الانبعاث في إطار عملية انتقام واضحة، لرد الصاع صاعين للطرف الآخر بعد حادثة الاستفراد والاعتداء على أحد العناصر الطلابية المحسوبة على الفصيل المنحدر من الأقاليم الجنوبية، ومن ثمة إطلاق شرارة البحث والتحري في كل اتجاه لتحديد أماكن اختباء المشتبه بهم وإحاطتهم بالمتعين من الإجراءات القانونية.

وكان جمهور الطالبات والطلبة الذين يتابعون دراستهم بكليتي الحقوق والآداب المجاورتين قد تفاجأ زوال السبت الماضي بظهور مجموعة من الأشخاص (حوالي 12 عنصرا) ملثمين ويخفون ملامح وجوههم بأقنعة لا تكاد تظهر منهم سوى العيون التي تقدح نظراتها شرا وشرارا، وأيديهم مدججة بمختلف أنواع الأسلحة البيضاء من عصي وسواطير حادة، ما جعل الرعب يدب في صفوف المارة والطالبة، ويشرعون بالفرار في كل اتجاه، والكل يجاهد للابتعاد عن طريق هؤلاء «الغزاة».

لم يتطلب الأمر كثير وقت قبل أن تظهر النوايا الحقيقية لأفراد المجموعة، حين اتجهوا مباشرة صوب كوكبة من الطلبة مكونة من أربعة أشخاص كانت تسير في اتجاه مدخل كلية الآداب، لينطلق المهاجمون في اتجاهمم، ويشرعون مباشرة في محاصرتهم وإعمال الأسلحة البيضاء في أجسادهم بشكل عنيف ينم عن حقد دفين ورغبة أكيدة في الانتقام.

بعد أن حقق المهاجمون مبتغاهم ونالوا من المجموعة بشكل وحشي، أطلقوا سيقانهم للريح ليختفوا كما ظهروا، مخلفين وراءهم الضحايا يسبحون في برك دمائهم، وقد انقشع المشهد عن إصابات خطيرة خصوصا بالنسبة للضحية عمر خالقي (المزداد سنة 1990)، الذي تقفت ضربات السواطير جسده بشكل خطير وأثخنته بجراح غائرة حولته إلى جثة هامدة لا تبدي حراكا.

سارعت سيارات الإسعاف بنقل الضحايا تجاه مستعجلات ابن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، حيث تبينت خطورة الوضعية الصحية لهذا الأخير، مع انخراط الطواقم الطبية في مده بالعلاجات الضرورية في محاولة لسد منافذ الخطر وإبعاده عن دائرة الموت المحقق، ما أثمر إنقاذ حياته واستقرار حالته الصحية، مع الاحتفاظ به رهن غرفة مقاومة الصدمات (صال ديشوكاج) تحت المراقبة الطبية المستمرة.

وبالرجوع إلى الأسباب الكامنة خلف هذه الحرب الدموية، يتبين أن الصراع قد احتدم منذ أسابيع بين فصيلين طلابيين استحكمت في قلوبهم عوادي العصبية المقيتة، فأطلقوا مارد الطائفية الفجة من قمقمه لتشرع كل مجموعة في رفع ألوية شوفينيتها الضيقة في وجه المجموعة الأخرى، هؤلاء يتعصبون لانتمائهم الأمازيغي وأولائك ينتصرون لانتمائهم العرقي للأقاليم الجنوبية، محولين الحرم الجامعي إلى ساحة حرب معلنة، لا تتوانى أي مجموعة في رشق المجموعة المقابلة بسهام الضرب والاعتداء.

انسداد الأفق الفكري وانعدام القدرة على مقارعة الفكر بالفكر ومواجهة الحجة بالحجة في إطار تدافع ثقافي بناء، حول المعنيين إلى مجرد ميليشيات مسلحة تتربص كل فئة بعناصر الفئة الأخرى للاستفراد بها والانتقام منها، ما جعل نيران الحرب تتجاوز جدران الحرم الجامعي وتتدحرج تجاه شوارع وأحياء المدينة المحيطة بالحي الجامعي، استيقظ معها الجميع على وقع الهجوم الأخير وإسالة كل هذه الدماء، ليبقى السؤال المطروح حول الأهداف الحقيقية لإثارة كل هذه النعرة القبلية في صفوف فئة تعتبر عماد مستقبل الوطن؟

إسماعيل احريملة